شو إلو معنى حكي الحريري عن إيران؟
تضفي عملية القاع الإرهابية الكثير من الخوف والقلق على النائب وليد جنبلاط. المنطقة تتفكّك، والدولة في لبنان تتحلّل والوضع الأمني إلى الأسوأ. فما الحل؟ الحلّ ليس أمنياً، بل بالاستقرار السياسي حتى تنجلي الصورة. للاستقرار السياسي عنوان واحد: انتخبوا رئيساً للجمهورية… أيّ رئيس!
يسارع أوسكار إلى استقبال زائر النائب وليد جنبلاط عند البوابة الرئيسية لبيت كليمنصو. الحرّ والرطوبة في الخارج يتعبان الكلب البنّي الظريف، فما إن يدخل إلى غرفة الجلوس في الطابق الأرضي، حتى ينطرح أرضاً تحت برودة المكيّف.
هي أيّام متعبة تمرّ على البلاد. هجوم إرهابي من 8 انتحاريين دفعةً واحدة في بلدة القاع الحدودية، يدبّ القلق والخوف في قلب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وغالبية اللبنانيين بلا شكّ.
في استنتاج جنبلاط أنه لا يمكن أن يكون هدف الانتحاريين الثمانية بلدة القاع وحدها، يقول وهو يملأ «قرعة» المتّة المزخرفة بالفضّة، ماءً ساخناً، إن من المنطقي أن يكون هدف الانتحاريين الدخول إلى لبنان، كل لبنان، و«نحن شو ناطرين؟ هالمرة فشلوا، يمكن المرة الجاي ما يفشلوا.
في 8، لو توزّعوا بالبلد كانوا فجّروا البلد. اليوم قضيت بالقاع، بكرا شو؟ ونحنا غرقانين بالنقاش البيزنطي حول الرئيس ومش رئيس، والسلّة ومش سلّة».
بالنسبة إلى رئيس اللقاء الديموقراطي، مسألة الردّ ليست تنفيذ عملية عسكرية في جرود السلسلة الشرقية فقط، إنه «الوضع السياسي الصعب. علينا أن نأخذ بعين الاعتبار التهديدات الأمنية، لكن لا يمكننا مواجهة الوضع الأمني المتفلّت من دون استقرار سياسي». دعوة جنبلاط واضحة، وهو قالها سابقاً في مقابلته مع الزميل مارسيل غانم: انتخاب أي رئيس بأي ثمن، إن كان (رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب) ميشال عون أو غيره. «الرئيس سيحاول أن يدير الأزمة، ونديرها معه، الأزمة ليست وضعاً أمنياً فقط، علينا أن نرمم العجز والدين العام، ونواجه معاً الأخطار. وجود رئيس، أيّ رئيس، أفضل من لا رئيس». عدم انتخاب رئيس الآن، يعني أنه «في تشرين المقبل، الشبيبة رح يبلشوا يفكروا بالانتخابات، يعني منوصل على حزيران الـ2017، ومنعمل انتخابات على أساس قانون الستين، يعني من أضرب لأضرب من الحالة الحالية». اليوم هناك حكومة شبه مقبولة، «بعد الانتخابات قد نصل إلى حكومة تصريف أعمال، ولا حلّ عندها»!
أين العقدة في عدم انتخاب الرئيس؟ «المطلوب الإجماع على أيّ كان، أجمع المسيحيون على مرشّح… شو هالقصة».
برأي جنبلاط، السجال السياسي مضرّ إلى أبعد الحدود: السيد (حسن نصرالله) يهاجم السعودية من أجل إيران، و(الرئيس سعد) الحريري يهاجم إيران من عكار، بعلمك فصلنا لبنان عن الإقليم قليلاً، ثم نعود إلى التوتّر الداخلي. هذا كله لا يترجم على الأرض. مع كل محبتي للقامتين، لا يغيّران شيئاً في هذا الصراع الإقليمي والدولي. أنا لا أقارن بين الشخصيتين، لكن ارتباطاتهما الإقليمية لم تعد خافية، ولكلّ منهما حساباته وظروفه وحرية الحركة محدودة. شو إلو معنى حكي الحريري عن إيران؟ لم يبقَ إلّا لبنان».
يرى رئيس الاشتراكي أن الأزمة في سوريا والعراق طويلة جدّاً؛ العراق «خُلص» ويتفكّك، وسوريا «عم تخلص»، وإذا ما أخذ جنبلاط بالحسابات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتطوّرات الأوضاع الداخلية في الدول الأوروبية والنزعات العنصرية التي «يهيّجها» المرشّح إلى الرئاسة الأميركية دونالد ترامب، فإن العالم مقبلٌ على أحداث خطيرة.
لكنّ جنبلاط يحمل همّ حلب، التي «نرى كيف تتطاحن فيها كل القوى الدولية، الأميركي والتركي والروسي والإيراني. فحلب مفتاح كبير ومفتاح المنطقة، وخط إمداد كبير، من لبنان وسوريا والعراق للوصول إلى أوروبا، من يأخذ حلب يحيّد التركي، وربّما السعودي». برأيه مشكلة محور الجيش السوري وحزب الله، أنه لا يملك العديد البشري الكافي، «(الرئيس السوري) بشار (الأسد) لم يُعدّ جنوداً، وهو أخطأ واستنزف الجيش السوري ووقع في فخّ تدمير أهم جيش في المنطقة، وبدون غطاء روسي لا يستطيعون فعل شيء».
الحرب في سوريا طويلة جداً إذاً، وعليه، فإن «من غير المجدي أن ينتظر الفرقاء اللبنانيون أن تتحول الموازين في سوريا، والموازين لن تتحول، فسوريا ذاهبة إلى الفوضى. يمشوا بعون أو أي رئيس، قلتها مع مارسيل، شو هالأزمة، منشان الاستقرار».
إذا سار الحريري، فهل يسير حزب الله؟ «ماذا يغيّر الرئيس بالنسبة إلى حزب الله؟ هم لديهم حربهم ومستمرة، يبقى الرئيس وقانون الانتخاب. نحن لدينا أكثرية نيابية الآن، ولا نحكم، وإذا أخذ حزب الله أكثرية لا يستطيع أن يحكم».
ماذا بشأن خلوة آب؟ «الرئيس نبيه بري يحاول، وبالآخر تنقضى بشروط السلة، والسلة مدخلها رئاسي، وهناك 16 مشروعاً انتخابياً. علينا البدء بالمشروع المشترك المتفق عليه مبدئياً من الجميع، وتحديد نسبة النسبية». الحلّ الوحيد هو «قرار شجاع للوصول إلى تسوية، إلى رئيس. الرئيس يقوم بحركة جديدة، دعاية… مع وزارة جديدة، لازم نخلق شي جديد».
في ظلّ متغيرات المنطقة، هل يبقى لبنان ونظامه السياسي بشكله الحالي؟ «عندما اجتمعنا في الطائف، جمعنا السعوديون بتغطية أميركية على أن ينفذ السوري. أما الآن، فالدول المحيطة لا تفكر فينا، والطائف هو الصيغة الدستورية الوحيدة التي لا تزال مقبولة».
وماذا عن طرح «دوحة جديدة»؟ «أوافق مع الرئيس بري نظرياً»، ولكن «يومها أُجبرنا على الذهاب إلى الدوحة، حَطْنا حمد بن جاسم بالطيارات وأخذنا… لا بقا في حمد، ولا في طيارات». لكن جنبلاط لا يقتنع بأن كل شيء محكوم بالمعادلات الدولية والإقليمية، «شغلتنا تحييد لبنان، أو نستسلم ونغرق في الأتون وننتحر». فعائدات أموال المغتربين تنخفض، من الخليج ومن أفريقيا، و«العجز في ميزان المدفوعات للسنة التالية على التوالي يزيد، ونحن لا نستطيع أن نحل مشكلة محطة دير عمار. والزوق والجية… وهلق في مناقصة ناقصة لشركات الصيانة، وما أدراك من أخذ الصيانة».
هل طرح اللامركزية الادارية جدّي؟ «أسمع هذا الكلام منذ كنت صغيراً… في عام 1976، أثناء لجان المصالحة التي شكّلت، وكان والدي وبيار الجميّل، كان هذا الحديث موجود… وفي حينها طرح هذا الأمر كطرح تقسيمي، أما اليوم، فهو أن يتمكّن مواطن من إنجاز باسبور». يضحك جنبلاط، «قبل اللامركزية، خلينا نفوّت الأسماء تبع دوائر النفوس على الكومبيوتر».
هل تقلقك الدعوات العنصرية بحقّ النازحين السوريين والتسليح الذاتي؟ «موضوع النازحين قديم، تحدثنا منذ البداية عن خطوات للمخيّمات، على الأقل التخفيف نسبيّاً من الوضع الأمني، بس هلق «too late». وأنطوان زهرا حامل سلاح بالقاع، يلا منيح، بلكي بيتصالح مع القوميين فوق».
الحديث عن تركيا يفتح الباب على ملفّ النفط. «أردوغان طلع ونزل وعمل سلطان، وآخر شي راح عند إسرائيل والروس»، و«على ما يبدو هناك وساطة إسرائيلية بين تركيا وروسيا، وتركيا هي الممرّ الوحيد للغاز الإسرائيلي إلى أوروبا». يقول جنبلاط آسفاً: «سنرى الغاز الاسرائيلي يمرّ من أمامنا ونحن نتفرج، سبقنا الإسرائيليون إلى قبرص». ما هي آخر تطورّات ملفّ النفط؟ «ما عدت سمعت شي. الهيئة الناظمة قدمت تقريرها، ووصلني نسخة. وحتى لو بكرا اتفقنا بدنا خمس سنين على الأقل ليبلش الحفر ونشوف شو عنا، وناخذ بعين الاعتبار أنه هناك بلوكات مشتركة، ومن يقول إن إسرائيل لا تسحب نفطنا ونحن نتفرّج… هناك أشياء لا تفسير لها في البلد».
يختم جنبلاط: «علينا ترميم البيت الداخلي قبل فوات الأوان، كما قال الرئيس بري… وفي أيلول، ذكرى لبنان الكبير، الذي نصغّره نحن بخلافاتنا».