IMLebanon

جنبلاط وجعجع يعززان الحضور في الشارع

ويعقوبيان في «مهمة»: لا حكومة للغرب في لبنان

 

 

فيما يتواصل الحراك الشعبي، ومعه برامج تظاهرات جديدة تستهدف اليوم إعادة تنشيط التفاعل الشعبي في مناطق بيروت والضاحية الجنوبية على وجه الخصوص، حضر ملف تشكيل الحكومة على خلفية انقسام، يُشبه إلى حدّ كبير الانقسام الذي كان قائماً بين قوى 8 و14 آذار، والذي عانى بنتيجته لبنان من تحديات أمنية واقتصادية وسياسية طوال السنوات الماضية.

 

المعطيات تشير، بوضوح، إلى أن الولايات المتحدة ومعها دول خليجية، تنشط لإنتاج حكومة لا يتمثل حزب الله فيها، سياسياً على الأقل. وهو ما كان الرئيس سعد الحريري واضحاً بقوله إنه «غير قادر على ترؤّس حكومة تضم سياسيين، وإنه يريد الحكومة خالية حتى من النشاط السياسي، وإن جدول أعمالها وبيانها الوزاري يجب أن يقتصرا على برنامج اقتصادي – مالي – اجتماعي – إداري».

وبعدما باتت كل القوى السياسية في هذه الأجواء، تلقّى الحريري كلاماً واضحاً من حزب الله بأنه لن يقبل بحكومة لا وجود لسياسيين أو لسياسة فيها. وهو أمر ثبّته الوزير جبران باسيل في لقائه الثاني مع الحريري، أمس، والذي سادته أجواء أكثر ودية من اللقاء الأول، ولم يُظهر فيه باسيل فيه أي تصلب حيال فكرة تعديل آلية تمثيل القوى داخل الحكومة.

 

وبحسب مصادر مطلعة، فإن الحريري الذي أبدى استعداده لتسمية شخصية لرئاسة الحكومة، سمع مطالبات غربية بأن يتولى هو المسؤولية كونه الأقدر على إدارة الاتصالات مع العرب والغرب من أجل الحصول على مساعدات مالية عاجلة، وأن عليه الاتفاق على ذلك مع الرئيس ميشال عون وحزب الله، على أن يقبل باسيل بأن يكون خارج الحكومة. وهذا، «للمصادفة»، ما يطالب به كل من وليد جنبلاط وسمير جعجع وغالبية قوى 14 آذار.

وبناءً عليه، تشير المعلومات إلى أن لقاء الحريري – باسيل في وادي أبو جميل، أمس، كانَ من أجل إبلاغ رئيس الحكومة المُستقيل بأن طروحاته بشأن «التكنوقراط» غير مقبولة. كما فهم الحريري، من رسائل أخرى، أن ما يطرحه حول حكومة اختصاصيين يتطابق مع الطلب الأميركي في إعادة تكوين السلطة، والانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة والذهاب إلى مرحلة جديدة، وهو ما لن يسمَح به فريق 8 آذار، ولا حتى في الشكل. إذ أن تشكيل حكومة تكنوقراط من دون وجوه سياسية، حتى ولو سمّت القوى السياسية الوزراء، يعني انتصاراً للمحور الذي يسعى لإزاحة حزب الله وحلفائه سياسياً من الحكومة.

وقد تسارعت في اليومين الماضيين وتيرة الاتصالات بين حزب الله وحلفائه (حركة أمل والتيار الوطني الحر)، وبين الأطراف الثلاثة ورئيس تيار المُستقبل لرسم سيناريوهات المرحلة المُقبلة، في ضوء التطورات المحلية والإقليمية. ويعتبر الحزب، كما الرئيسان عون ونبيه برّي، أنهم يقفون وجهاً لوجه أمام حرب سياسية لا تقلّ خطورة عن الحرب المالية – الاقتصادية. وبات من المؤكد أن عون يرى أن الوضع السياسي شديد التعقيد ولا يُمكن فصله عن العامل الخارجي. فيما يعتبر برّي أن هناك أزمة سياسية كبيرة من الضروري أن تديرها حكومة سياسية يترأسها الحريري. وبطبيعة الحال، فإن حزب الله الذي يعتبر نفسه المُستهدف الأول من هذا الطرح، لن يُغامر بالقبول بذلك في ظل الهجمة الأميركية عليه من خلال العقوبات، ولن يُهدي هذا الانتصار إلى أعدائه في الخارج أو خصومه في الداخل مهما كلّف الأمر. وعليه يتقاطع موقفه مع موقف حلفائه، إذ لا يمانع بأن يكون الحريري رئيساً مكلفاً لتشكيل الحكومة، ولكن ليس بشروط الأخير.

 

عون وبري وحزب الله لن يُهدوا خصومهم انتصاراً يمسح نتائج الانتخابات النيابية

 

 

وعلمت «الأخبار» أن اللقاء الأول الذي جمَع باسيل والحريري كان مجرّد عصف أفكار وتبادل اقتراحات وعتاب حول من يتحمّل مسؤولية ما آلت اليه الأوضاع في الفترة الأخيرة. أما جلسة الأمس، فكان فيها جواب واضح من رئيس تكتّل «لبنان القوي» برفض حكومة خالية من الأحزاب. وقد سبقها، بحسب المعلومات، اتصال بين الحريري وبرّي أكد فيه الأخير ميله إلى تشكيل حكومة سياسية يرأسها الحريري نفسه. فيما حسم جنبلاط وجعجع أنهما سيقفان إلى جانب الحريري إن سار بالحكومة غير السياسية. علماً أن الرجلين قررا رفع مستوى مشاركتهما في التحركات الشعبية ولو من خلال غطاء آخر. إذ استنفر جنبلاط قدامى حزبه وأعاد التواصل مع تيار يساري شبه منقرض ويسعى إلى تنظيم تظاهرات كبيرة ضد الرئيس عون وحزب الله واتهام الأخير بالوقوف خلف منظومة الفساد وحمايتها. كما عمل جنبلاط على تعطيل جميع المدارس في المناطق التي تخضع لنفوذه وطلب من الإدارات والأساتذة إشراك الطلاب في تحركات وتظاهرات في أكثر من منطقة.

وقالت مصادر مطلعة بأن فريق 8 آذار دقّ النفير السياسي وبات موقفه محسوماً، الأمر الذي من شأنه تعليق الواقع الحكومي لأشهر فيما لو رضخ الحريري للضغوط الخارجية، خصوصاً أن الذهاب نحو تسمية رئيس حكومة آخر لن يكون بالأمر السهل، لأن دونه عقبات وتداعيات ستنعكس صداماً مذهبياً وطائفياً في الشارع.

 

ماذ تفعل يعقوبيان؟

على أن اللافت أمس كان المؤتمر الصحافي للنائبة بولا يعقوبيان، وابتداءً بالشكل، حيث تولت كل القنوات التلفزيونية المنخرطة في الحراك تغطية المؤتمر المطوّل مباشرة، فيما أطلقت يعقوبيان حملة سياسية تمهد لما تراه دوراً كبيراً لها في المرحلة المقبلة، بعدما تبيّن أنها تقف خلف مجموعة من الأنشطة في الحراك الشعبي بواسطة مجموعة من المنظمات غير الحكومية.

لكن اللافت في تصريحات يعقوبيان إشارتها إلى أنها مهدّدة، وإلى احتمال عودة الاغتيالات. وهو كلام يعيد إلى الأذهان التحذيرات من وجود مساع لدول خارجية، تربط يعقوبيان بها علاقات عمل قوية، لدفع الأمور في لبنان صوب مرحلة أكثر خطورة من المواجهات الأهلية. وهو ما أثار نقزة الرئيس الحريري نفسه الذي طلب من قوى الأمن الداخلي اتخاذ كل الإجراءات لمنع أي مجموعات تنتمي إلى تيار المستقبل من قطع الطرقات في العاصمة والمناطق. كما بعث برسالة عاجلة إلى قيادة حزب الله معلناً أنه سيقف بقوة في مواجهة محاولات إعادة إحياء التوتر السني – الشيعي. وتساءلت مصادر سياسية عن سر ظهور يعقوبيان أمس وبهذه الصورة وعن خلفية هذه المواقف والتحذيرات.

في سياق آخر، لفت عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي بزي إلى أن الرئيس بري كشف في لقاء الأربعاء النيابي أن «هناك شكوكاً لبنانية مدعمة بمعلومات وتقارير دولية حصل عليها تتعلق بأعمال التنقيب عن الموارد النفطية التي تقوم بها شركة يونانية تمتلك شركة «توتال» 40 في المئة منها بالقرب من الحدود اللبنانية التي تتداخل مع المنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة، إضافة إلى تأخير متعمّد من شركة «توتال» الفرنسية المعنية بأعمال التنقيب عن النفط في البلوك رقم 9». ولفت الى أن «بري أجرى الاتصالات اللازمة بالجهات المختصة وأرسل موفداً الى فرنسا لمقابلة رئيس شركة توتال لبحث الأمر».

 

من ملف : اعلان حالة الطوارئ مالياً