Site icon IMLebanon

جنبلاط والحريري.. ومسلسل الخيبات

ينقل العارفون في كواليس المختارة وبيت الوسط ان الزعيمين السني والدرزي هما الاكثر احباطا مما آلت اليه التسوية الرئاسية التي عمل عليها سعد الحريري والتي لم تبصر النور لانها جاءت مبتورة وخالية من عناصر القوة والدعم الاقليمي لها بعدما اكدت الوقائع وثبت بالدليل الحسي ان التسوية الرئاسية اتت بمباركة وقرار سعودي وبدون علم او موافقة من الجانب الايراني ومن حلفاء 8 آذار في الداخل، فالنائب وليد جنبلاط الذي استقبل النائب سليمان فرنجية في دارته بعدما تناهت اليه من باريس معالم انتهاء الصفقة الرئاسية عاد الى المربع الاول ليدور حول نفسه بحثاً عن مخرج للازمة بعد القبول بمرشح من صقور 8 آذار لم يكتب لترشيحه النجاح وبالتالي فان الخسارة اتت مزدوجة عليه بتجديد حالة العداء والخصام مع الرابية من جهة، وبعدم وصول مرشح من الخط السياسي الآخر، في حين جاء وقع الخسارة اقوى على الحريري نفسه، الذي كان يمني نفسه بالعودة الى الحكومة وباستنهاض الشارع السني المتشرذم والضعيف فاذا بترشيح فرنجية الذي لم يصل الى نتيجة يؤلب على الحريري الشارع ونبضه بعد ان اتت الضربات الموجعة من صقوره وقيادات الصف الاول في المستقبل فكاد الحريري يقع ضحية ما اصابه من لكمات من داخل المستقبل ومن تمرد قياداته.

على ان جنبلاط وفق اوساط مطلعة منزعج من اداء الحريري ومن تهوره وتسرعه في حياكة العباءة الرئاسية بشكل افسدها بالكامل وجعلها عرضة للسخرية بحيث سجلت 8 آذار انتصاراً مدوياً بعد جرعة الدعم القوية التي تلقاها زعيم الرابية من حليفه في حارة حريك، وما تم تسريبه من تناغم في الملف الرئاسي كاد يصل الى تسمية جعجع لعون نكاية بغدر حلفائه. ومن الاستنتاجات الجنبلاطية ان عون خرج من المعركة الأقل خسارة فحقق ارباحاً مسيحية ولدى جماهيره التي تعاطفت معه بعدما شعرت بظلم المستقبل وجنبلاط وبري وتحالف كل الاقوياء ضد عون، ومن الاستنتاجات ايضاً ان الحرب المفتوحة مع الرابية صارت منهوكة ومتعبة ولم تعد تجدي نفعاً لا بل فان انعكاساتها صارت دراماتيكية ومربكة تؤكد الاوساط على الوضع الداخلي، وان الوضع السوري ليس احسن حالاً ولا يصب لصالح المحور الذي يسير فيه جنبلاط وفريق 14 آذار، فقصف طائرات السوخوي الروسية وتهديدات الرئيس فلاديمير بوتين فعلت فعلها وها هي حشود «النصرة» و«داعش» تتقهقهر بشكل مأساوي والمعارضة السورية اصبحت في خبر كان، وهذه التطورات في الوضع الميداني يفترض احتسابها بدقة وهي تربك الجميع ففي الصميم جنبلاط ليس مرتاحاً لانهيار المحور الذي يمثله مقابل ارتياح لدى محور 8 آذار الذي يبدو مزهواً في الحرب المقدسة التي تخوضها الطائرات الروسية لتقوية صمود النظام السوري واعادته الى سابق مجده وعزه، ومدى الانزعاج الجنبلاطي ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي في تغريدات جنبلاط وانتقاداته للحلفاء والمقريبن منه لاخطائهم المميتة في السياسة.

مسلسل الخيبات لدى جنبلاط والحريري لا يكاد يغيب حتى يطل مجدداً، فجنبلاط اخفق في ضرب عون رئاسياً وقبل ذلك اخفق في تحقيق اختراقات معينة في الحياة السياسية، فمحاولاته والمبادرات التي اطلقها مع بري لابعاد كأس التعطيل لامست حدود الفشل، وها هو رئيس تكتل الاصلاح والتغيير يحصل على معنويات عالية وتطمينات لا مثيل لها من حليفه في الضاحية حسده عليها كل من جعجع والحريري نفسه. وفي الحسابات الجنبلاطية فان عامل الوقت سيكون كفيلاً بقلب الامور راساً على عقب، فالواضح ان الجميع بانتظار ما ستحمله الايام القادمة والسنة المقبلة في الملف الرئاسي، لكن مخاوف جنبلاط من ان تدور الدنيا الف دورة لتتعزز حظوظ عون الرئاسية واذّاك لا ينفع الندم الجنبلاطي وعض الاصابع.

بالطبع ليست المرة الاولى ولن تكون الاخيرة التي تقع فيها الواقعة بين زعيم المختارة والرابية فبينهما دفتر مليء بالخصومة السياسية وفترات من المهادنة، سبق لجنبلاط ان حاول اقناع الحريري لارضاء الرابية بالتعيينات الامنية وبقيادة الجيش من اجل ترييح الوضع الداخلي وارضاء عون وكاد جنبلاط قبل فترة ان يقبل بترشيح عون قبل ان ينقلب عليه 180 درجة.