IMLebanon

جنبلاط: اعطوا عون «شيك بدون رصيد»

هل تمرّ التسوية التي يتواصل العمل عليها بشأن إيجاد صيغة تكفل بقاء قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز في الجيش اللبناني بعد 15 تشرين الأوّل المُقبل، أم لا تمرّ بحيث ينطبق قانون التقاعد الإلزامي على من يُعتبر أحد أبرز الضبّاط المُرشّحين لتولّي منصب قيادة الجيش؟ سؤال مهمّ يُلقي بظلاله على الجوّ السياسي العام داخلياً، في الوقت الذي تشهد المنطقة تحوّلات كُبرى، خاصة على الساحة السورية، وفي الوقت الذي تتكثّف الجُهود الدَولية لوضع المشاكل الإقليميّة المُتراكمة على سكّة الحلول.

بحسب الأوساط السياسيّة المُطلعة إنّ رئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون لن يتساهل في هذا الموضوع، خاصة أنّه يتعرّض لضغط كبير من قواعده الشعبيّة التي تُكنّ للعميد روكز كلّ الإحترام والمحبّة وتتطلّع لأن تراه قائداً للجيش. وأضافت أنّ قيادة «التيار» ليست في وضع يسمح لها بالتعرّض لخسارة سياسية ومعنويّة جديدة، بعد سلسلة الإنتكاسات التي تعرضت لها في السنوات القليلة الماضية، بدءاً بالتمديد لمجلس النوّاب مرّتين على الرغم من مُعارضتها لذلك، وسُقوط الطعون التي قدمها حُقوقيّو «التيّار» إلى المجلس الدستوري، مروراً بالتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي مرّتين أيضاً، على الرغم من كل التهديدات والتحذيرات «العَونيّة» العالية السقف، وُصولاً إلى عدم الإعتراف بأحقّية وُصول «الجنرال» إلى منصب الرئاسة أو حتى بالموافقة على طرحه القاضي بإجراء إنتخابات نيابيّة وفق قانون إنتخابي جديد يعتمد مبدأ النسبيّة. ولفتت هذه الأوساط إلى أنّ تشدّد لا بل تعنّت العماد عون المُتصاعد هو نتيجة طبيعيّة لعدم تمكّنه من تحقيق أيّ من مطالبه، ما جعله في موقع الذي لا يملك شيئاً إضافياً لخسارته! وتخوّفت من أن يدفع هذا الشعور «الجنرال» إلى التشدّد أكثر فأكثر في مواقفه، وإلى إعتماد تصعيد كبير، في حال لم تمرّ التسوية التي يجري العمل عليها حالياً.

وأكّدت الأوساط السياسيّة المُطلعة نفسها أنّ رئيس «الحزب التقدّمي الإشتراكي» النائب وليد جنبلاط يؤدي حالياً دوراً مركزيّاً في مُحاولة لتمرير مطلب العماد عون المُلحّ والقاضي بإبقاء العميد شامل روكز في السلك العسكري. وأوضحت أنّ الزعيم الإشتراكي يعتبر أنّ من شأن عدم إحالة قائد فوج المغاوير إلى التقاعد، المُساعدة في تخفيف أجواء التصعيد الحاليّة، ومن شأنه أيضاً أن يفتح نافذة على إمكان إعادة تحريك أعمال كل من مجلسيّ الوزراء والنواّب، علماً أنّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي يُساعد في هذا المجال أيضاً، إنطلاقاً من رغبته في إعادة العمل التشريعي. وبحسب الأوساط نفسها إنّ النائب جنبلاط يجهد لإقناع «تيّار المُستقبل» بضرورة الإستجابة لمطلب إبقاء العميد روكز في الجيش، وفق أيّ صيغة يرونها مُناسبة وقابلة للحياة، وذلك بهدف إستيعاب العماد عون في هذه المرحلة الإنتقاليّة محلّياً وإقليمياً، وهو يُكرّر أنّ التمديد لقائد فوج المغاوير الحالي لا يعني وُصول هذا الأخير تلقائياً إلى منصب قيادة الجيش، بل يُبقي الخيارات في هذا المجال مفتوحة على مختلف الاحتمالات في المُستقبل، تبعاً لعدة اعتبارات محلّية وإقليميّة ودوليّة. وتنقل هذه الأوساط عن جنبلاط إمتعاضه من العراقيل التي يتمّ وضعها أمام عدم تسريح العميد روكز من الجيش، علماً أنّ كل ما في الأمر هو عبارة عن «شيك من دون رصيد» يتم تسليفه للعماد عون!

وتابعت الأوساط السياسيّة المُطلعة عينها بالقول إنّ «تيّار المُستقبل» لا يجد نفسه مُضطرّاً الى تسليف العماد عون أي نقطة لمصلحته من دون مُقابل، خاصة وأنّ «الجنرال» يعتمد منذ عدّة أشهر سياسة هجوميّة عدائية ضُدّ المُستقبل، وأيّ تنازل لمصلحته في موضوع مُعيّن سيجرّ لتنازل ثان وثالث تباعاً! وشدّدت هذه الأوساط على أنّ «تيّار المُستقبل» يُعطي الأولويّة لإزالة العراقيل التي يضعها العماد عون أمام عمل الحكومة بشكل طبيعي، والحصول على تعهّد في هذا الشأن، قبل الموافقة على تمديد خدمة العميد روكز. وأضافت أنّ موقف التيّار الأزرق قوي، لأنّه مدعوم من الوزراء المحسوبين على الرئيس السابق ميشال سليمان ومن وزراء حزب «الكتائب اللبنانيّة» إضافة إلى الوزيرين بطرس حرب وميشال فرعون، الأمر الذي يُخوّل هؤلاء مجموعين عرقلة وإفشال أيّ قرار. كما أنّ سوء العلاقة بين قائد الجيش العماد جان قهوجي والعماد عون، والحساسيّة التي أوجدها الحديث عن ترقية بضعة عمداء من أصل المئات من كبار ضبّاط الجيش، يرفعان من قدرات «تيّار المُستقبل» على مُواجهة العماد عون، ما لم يعمد إلى مقايضة بقاء العميد روكز في الجيش بإعادة إطلاق حكومة الرئيس تمّام سلام بشكل سليم.

وإستبعدت الأوساط السياسيّة المُطلعة نفسها في الختام إمكان حلّ قضيّة العميد روكز بشكل مُنفصل عن باقي القضايا العالقة، ورأت أنّ الحلّ المُنتظر إمّا يأتي ضمن سلّة متكاملة وتسوية سياسيّة واسعة تشمل الحكومة ومجلس النواب وربّما قضايا أخرى، وإلا لن يكون هناك أيّ حلّ!