لم يكد بعض الوزراء يدخلون على خط تخفيض الاحتقان على صعيد الحكومة العتيدة كي لا تنفجر من الداخل اثر الملاسنة العنيفة بين وزير الصحة وائل ابو فاعور ووزير الاقتصاد الان حكيم حتى فاجأهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بتغريدة هاجم فيها «القشطة السياسية» و«صفوة القوم» قائلا «لما الذئاب على اشكالها تجتمع يفهم المرء جشعهم في حماية مصالحهم، عندما انفضحت سلعهم المهترئة والتي تعشش فيها الجرذان والجرب وربما الحيتان» مطالبا «بمحاسبة الفاسدين» وقد تميزت تغريدته بسخرية حادة على طريقة «الانكلة» التي يتفنن فيها موزعا الالقاب التي غالبا ما تطغى على اصحابها والامثلة في ذلك كثيرة من «الجدار» الى «الجنس العاطل» وصولا الى «الوبش» دون ان يراعي كرامات او صدمات وفق الاوساط المتابعة لايقاع سيد المختارة.
وتضيف الاوساط ان جنبلاط اراد من خلال وصفه «للذئاب» دون ان يسميهم دعم حملة ابو فاعور لتحقيق الامن الغذائي الا انه استفاض في المزايدة فاذا كانت بعض المستودعات في وزارة الاقتصاد او المنشآت التابعة لها في المرفأ «غير مطابقة» لسلامة القمح الذي «يتقاسمه المواطن مع الجرذان والطيور» وفق توصيف وزير الصحة الا ان ذلك لا ينطبق على «الاهراءات او الصوامع» وفق الوزير حكيم الذي رفض «التعميم» وهذا ما اشعل السجال بينه وبين وزير الصحة. ليدخل جنبلاط بثقله على الحلبة موزعا التهم ومطالبا بمحاسبة الفاسدين فهل موقفه جدي ام انه موقف لحظة، لا سيما وان الزعيم الاشتراكي كتلة من المواقف المتناقضة.
وتشير الاوساط الى ان سيد المختارة استاذ في الانقلابات عبر مسيرته السياسية، تحالف مع دمشق في زمن الوصاية فأعطته ما لم تعطه لاي سياسي فكان الحاكم بأمره طيلة ربع قرن او اكثر وسرعان ما انقلب عليها لدى انطلاق اول رصاصة للمعارضة قبل مصادرتها من التكفيريين: وارتبط بـ «حلف مقدس» مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن ثم انقلب عليه وسادت علاقتهما مراحل من المدّ والجزر لحين اغتياله، وكذلك كانت علاقته مع «حزب الله» التي انتقلت من التحالف معه الى صدام كاد يطيح البلد في احداث 7 ايار 2008 يوم وجدت المقاومة نفسها في حال دفاع عن النفس يوم قاد جنبلاط الحملة على سلاح الاشارة لديها، لترسو العلاقات بين الطرفين ضمن مقولة «تنظيم الخلاف».
وتقول الاوساط ان علاقة جنبلاط بالجنرال ميشال عون كانت نسخة عن علاقته مع معظم الاطراف واعلن الحرب عليه عشية عودته محذراً الافرقاء السياسيين من «التسونامي» ولعب دور العراب في الحلف الرباعي بين «حزب الله» والمستقبل وامل والاشتراكي في انتخابات عام 2005 للوقوف في وجه «التيار الوطني الحر» الذي حصد آنذاك معظم المقاعد المسيحية، اما علاقته مع الرئيس سعد الحريري فكانت على طرفي نقيض ففي البداية شكل جنبلاط رأس حربة «ثورة الارز» وكان من ابرز العاملين تشكيل المحكمة الدولية، ولكنه سرعان ما انقلب عليه ليصل الى رئاسة الحكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي اعلن جنبلاط يومذاك انه معه في مركب واحد، الا انه غادره مع وصول الرئيس تمام سلام مراهناً على فتح قنوات مع المملكة العربية السعودية التي اوصدت الابواب في وجهه على خلفية انقلابه على الحريري ولم تثمر زيارات ابو فاعور ونجله تيمور في احداث خرق على صعيد المملكة.
ولعل اللافت وفق الاوساط ان الزعيم الدرزي الذي نبه من «الوحش التكفيري» في المنطقة سارع بتبرئة «جبهة النصرة» من تهمة الارهاب واصفا «داعش» بالظاهرة التي ملأت الفراغ، في محاولة منه للوقوف على الحياد في زمن العواصف الكبرى علماً ان التنظيمين التكفيريين لا يرحمان احداً، وبالعودة الى تغريدته حول «الذئاب»، فلماذا لم يسمهم جنبلاط وهل هي رسالة الى حزب «الكتائب اللبنانية»، واذا كان يسعى جدياً الى محاربة الفساد والهدر في الوزارات فماذا عن مسألة «الدفترين» التي تغنى بها ايام اشغاله وزارة المهجرين وعلى طريقة ما يحق للشاعر لا يحق لغيره.