ينتظر رئيس مجلس النواب نبيه بري إنجاز لجنة صياغة البيان الوزاري لمهمتها، حتى يبادر إلى تعيين جلسة منح الثقة للحكومة والمتوقعة الأسبوع المقبل، وسط مؤشرات لا تدعو إلى الارتياح إلى ما ينتظر هذه الحكومة، بعدما بلغ التصعيد أوجه بين رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، ما ينذر بمرحلة صعبة ستواجه الحكومة التي يبدو أنها تفتقد إلى الانسجام المطلوب، بعد التراشق الكلامي بين عدد من أعضائها قبل أن تحصل على ثقة البرلمان.
وإذا كان الرئيس الحريري أراد إيصال رسائل إلى جنبلاط وآخرين بأنه لن يسمح بعرقلة حكومته، إلا أن تفجر الخلاف بين الرجلين وبهذه الحدة أثار الكثير من علامات الاستفهام حول ارتدادات ذلك على عمل الحكومة التي تضم وزيرين لجنبلاط، وبالتالي قدرتها على العمل كفريق واحد متضامن في مواجهة الاستحقاقات التي تنتظرها.
وفي الوقت الذي علمت فيه «اللواء» أن وسطاء يعملون على تخفيف أجواء التشنج بين الحريري وجنبلاط، تفادياً لمزيد من التصعيد الذي من شأنه أن يضع العراقيل أمام عمل الحكومة، أشارت أوساط بارزة في حزب «القوات اللبنانية» إلى أن البلد كان بغنى عن هذا التأزم الذي تسبب به رئيس «التقدمي» في هذا التوقيت، باعتبار أن خطوة جنبلاط بمهاجمة الحريري الذي واجه ظروفاً صعبة للغاية حتى تمكن من تشكيل الحكومة، لم تكن في محلها على الإطلاق وتحديداً في ظل أوضاع البلد الحالية، باعتبار أن جنبلاط لن يجد إلى جانبه أحداً في المواجهة التي افتعلها مع رئيس الحكومة الذي يحظى بتأييد واسع داخل المكونات الوزارية، مشيرة إلى «القوات» لا تجد مبرراً لدوافع التصعيد الجنبلاطي ضد الحريري الذي يصيب بالتأكيد الحكومة الجديدة ويؤثر على عملها، ومشددة على أنه يكفي رئيس «الاشتراكي» ما يتعرض إليه من ضغوطات من جانب أكثر من طرف، وبالتالي ما كانت هناك دوافع موضوعية تستدعي كل هذا التحامل على الرئيس الحريري.
وتشير الأوساط إلى أن «القوات» ترى أن هناك ضرورة ماسة لتفعيل عمل الحكومة لكي تتمكن من مواجهة المشكلات التي ترخي بثقلها على الداخل، وهذا ما يفرض أن يكون مجلس الوزراء فريق عمل متماسكاً ومدعوماً من كافة القوى السياسية، كي لا يتم الإيحاء وكأن هناك من يريد تعطيل العمل الحكومي بالتصويب على الرئيس الحريري الذي يتحضر على رأس الحكومة لمرحلة بالغة الصعوبة تستدعي من الحلفاء الوقوف إلى جانبه، خاصة ما يتصل بسعي البعض إلى إعادة التطبيع مع النظام السوري، وهو ما لا يمكن القبول به ولا يبدو أن دعاة هذا المسعى قادرون على تحقيق مرادهم، بعد موقف الجامعة العربية الذي يرى الظروف غير مؤاتية لعودة دمشق إلى الجامعة، إلا في ظل إجماع عربي على ذلك.
وتشدد على أن التصدي لمحاولة التطبيع مع الأسد ستشكل عنواناً أساسياً من عناوين المرحلة المقبلة، ما يفرض على القوى الرافضة لأي تطبيع مع هذا النظام ومن بينها الحزب التقدمي الاشتراكي، أن تتكاتف وتدعم الرئيس الحريري الذي لا يمكن أن يقبل بأي توجه من هذا النوع، عدا عن أن الذين يعملون في هذا الاتجاه، سيدفعون الأمور إلى تأزم جديد سيترك سلبياته على عمل الحكومة، وهذا لن يكون في مصلحة أي من الأطراف، إضافة إلى أنه لن يقود إلى مكان في ظل الرفض الواسع لإعادة وصل ما انقطع مع النظام السوري.