بالتأكيد، فإن كل من استمع إلى تصريحات رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط في قصر الإليزيه في باريس بعد لقائه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، كان يفضل أن يطغى عليها الطابع التفاؤلي، ولكنه الواقع الذي جعل كلام جنبلاط لا يفاجئ أحداً. وتعليقاً، سارع مرجع سياسي مستقل إلى السؤال: “هل في المعطيات ما يدفع وليد جنبلاط أو أي سياسي غيره إلى التفاؤل؟”، لافتاً إلى أن “كل التطورات في المنطقة، وهي مأسوية ويا للأسف، تبعث على التشاؤم، ومنذ أكثر من أربع سنوات تتسارع هذه التطورات على الإيقاع نفسه، وليس هناك أي تحرك يحدّ من اندفاعتها نحو الأسوأ، وهذا ما نشهده يومياً من خلال حوادث أمنية كبيرة غالباً ما يكون أبطالها من الجماعات المسلحة من التنظيمات المستحدثة التي “هبطت” فجأة على العالم العربي – بالإضافة إلى عمليات تدمير منظمة لتاريخ وحضارة تمتد إلى آلاف السنين، وآخر محطات التدمير كانت أول من أمس في الموصل… إذاً لم يكن وليد جنبلاط مبالغاً عندما أعرب عن تشاؤمه، أقلّه في المستقبل القريب، ولكن ما يمكن أن يبعث على التفاؤل هو قيام تحرك جدي وفاعل في مواجهة “التحالف الموضوعي” بين جيوش الارهاب والتطرف، والقوى الكبرى وفي طليعتها الولايات المتحدة الأميركية وبالتأكيد اسرائيل التي تستفيد من (وربما نقف وراء كل تحرك يصب في) تدمير الدول العربية وخصوصا في إثارة العصبيات والخلافات ذات الطابع الفئوي والطائفي والمذهبي داخل كل دولة على حدة وبأساليب مختلفة تصب في الإطار نفسه، وهذا ما تشهده في شكل متصاعد. ويلفت المرجع نفسه إلى ان “قمة شرم الشيخ” و”مؤتمر الدول المانحة” اللذين سيعقدان خلال الايام المقبلة في مصر والكويت، يشكلان محطتين مهمتين يمكن الانطلاق منهما نحو تحرك عربي – دولي مشترك لمواجهة الارهاب ووضع حد للتدهور الحاصل في المنطقة، بدءا بمساعدة اللاجئين ضمن الامكانات المتاحة لكل دولة، وصولا الى موقف موحد لما يجري في المنطقة، “وهو يأتي ضمن خطة مبرمجة متكاملة وليس في استطاعة أحد اقناعنا بأن كل ما يجري في المنطقة إنما جاء بالصدفة” على ما يقول، لافتا الى ان “في استطاعة الكويت ان تضطلع بدور محوري عربي – دولي بالنظر الى علاقاتها الطيبة مع جميع الاطراف الاساسيين والمؤثرين في المنطقة والعالم”.
وأما على المستوى الداخلي، ففي رأي المرجع المشار اليه ان “موقف جنبلاط بعد لقائه الرئيس الفرنسي جاء معبرا عن رأي الاكثرية الساحقة من اللبنانيين والتي تدعو الى وقف عملية تعطيل انتخابات الرئاسة والإقدام على انتخاب رئيس للجمهوريّة في اسرع وقت ممكن، وهذه خطوة يمكن ان تخرج البلاد من الحلقة المفرغة التي تدور فيها منذ نحو سنة”.
وفي محاولة للحد من مفاعيل تصريحات جنبلاط الباريسية والتي طغى عليها طابع التشاؤم، تقول مصادر سياسية وسطية ان “وليد جنبلاط لم يخترع جديدا، بل اختصر الواقع كما هو في لبنان والمنطقة عموما، ولعل أي تطوّر في اتجاه ايجابي يمكن ان يقلب انطباع اي مراقب، رأسا على عقب، ولا شيء مستحيلا في السياسة”! وتخلص الى السؤال: هل كان على جنبلاط ان يقول ان الدنيا بألف خير في لبنان والعالم العربي؟ حبذا لو كان الواقع كذلك!