IMLebanon

جنبلاط محرج امام قواعده

في قراءة سريعة للمجريات السورية تدرك الاوساط المطلعة على الوقائع الميدانية ان المخطط الاميركي للمنطقة ينفذ بحرفيته وان الموضوع على الورق بات واقعا حقيقيا على الارض وان «تقسيم المقسّم» وفق توصيف الرئيس نبيه بري للمؤامرة التي تستهدف المنطقة بكاملها يعيش احدى فتراته الذهبية، اثر تفسخ الرقعة السورية عرقيا وطائفيا ومذهبيا حيث تسعى الاطراف المتقاتلة الى تثبيت خطوط تماس اشبه ما تكون بارساء حدود جغرافية للمجموعات المذكورة، وكما في سوريا. كذلك في العراق حيث يشير الواقع الى ظهور تضاريس مشروع نائب الرئيس الاميركي جو بايدن الذي قدمه للكونغرس الاميركي عام 2010 والذي لحظ فيه ان الحل في العراق يقضي بتقسيمه الى ثلاث دول سنية وشيعية وكردية ولعل اللافت ان الادارة الاميركية بدأت بتسليح السنة من ابناء العشائر لمحاربة «داعش» دون المرور بالحكومة العراقية وكذلك الاكراد الذين باتوا اكثر استقلالية في حكمهم الذاتي.

وتضيف الاوساط انها الصورة نفسها في سوريا حيث شكلت الانهيارات للجيش السوري من سقوط جسر الشغور الى سقوط اللواء 52 ثاني اكبر الوية الجيش السوري مزيدا من الفرز الديموغرافي على اساس عرقي ومذهبي بعدما باتت «النصرة» على ابواب السويداء حيث الاغلبية الدرزية في جبل العرب وترافق ذلك مع مجزرة قلب لوزة في جبل السماق في ادلب على يد «جبهة النصرة» وراح ضحيتها 25 من مشايخ وشباب الدروز ما يطرح الكثير من الاسئلة حول توقيتها بالذات، فهل هي رسالة للدروز في السويداء، للاستسلام للتكفيريين ام لدب الذعر في نفوسهم؟ علما ان ردة الفعل جاءت عكسية خصوصا ان التاريخ يسجل للموحدين استبسالهم في القتال، ام لتوسيع الانقسامات بينهم في ظل الطروحات المهادنة واعتبار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط ان مجزرة قلب لوزة لا تتعدى الاشكال الفردي في وقت دعا فيه النائب طلال ارسلان الدروز الى القتال دفاعا عن النفس، الا ان الابرز كان في الموقف الناري للوزير السابق وئام وهاب الذي دعا فيه الى التطوع للدفاع عن الدروز موجهاً رسالة الى القيادة السورية يطالب فيها بمدهم بالسلاح المتوسط والثقيل لمواجهة «النصرة» ما يؤكد ان القيادة السورية مارست شيئاً من التقصير حيال دروز جبل العرب ربما لقلق النظام من احياء النزعة الانفعالية لديهم في اتون الحروب المتراكمة خصوصاً ان الانتداب الفرنسي اعلن قيام «دولة جبل الدروز» عام 1921 واستمرت حتى توقيع المعاهدة السورية – الفرنسية عام 1936، ناهيك بالحكم الذاتي للاكراد في الحسكة اضافة الى منطقة كوباني حيث يمارس الاكراد شيئاً من التطهير العرقي وتمثل ذلك بسرقة واحراق منازل الاشوريين.

وتشير الاوساط الى ان هناك سباقاً بين اكثر من طرف للدخول على ملف الدروز في السويداء وفي طليعتهم العدو الاسرائيلي الذي يدعم «النصرة» عسكرياً ولوجستياً بهدف خلق حزام امني درزي لحماية حدود الجولان المحتل عبر تهجيرهم وما حصل في قلب لوزة يصب في هذه الخانة حيث رشحت معلومات تقول ان مرجعيات درزية تسعى لدى تركيا والاردن للضغط على «جبهة النصرة» التي تحاصر بلدات جبل السماق الدرزية وعددها 14 بلدة للسماح لسكانها باخلائها والنزوح عنها الى تركيا او الاردن تمهيداً لتوطينهم على الشريط الحدودي في القنيطرة وبكرة حضر في عملية «ترانسفير» قد تكون احدى المفاجآت الكبرى.

وتقول الاوساط ان جنبلاط بات محرجاً جداً امام قواعده بعد تقديمه سلة من التنازلات «للنصرة» وصلت ان حد اسقاط تهمة الارهاب عنهم اضافة الى فتح قنوات معها كلّف بها وزير الصحة وائل ابو فاعور الذي سافر الى تركيا موفداً من جنبلاط، الا ان كل مساعي جنبلاط ورهانه على تحييد الدروز في اتون المنطقة باءت بالفشل كون التكفيريين من «النصرة» و«داعش» لا يقرأون الا في كتابهم «بالذبح جيناكم».