هل يبصر القانون الانتخابي النور بعد عودة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري من القمة العربية التي عقدت في الاردن على البحر الميت وكانا غادرا لبنان يوم امس بطائرة واحدة، واين تكمن العقدة في التوافق على قانون لا يلغي احداً بعد سقوط مشروع الوزير جبران باسيل حول القانون للمرة الثالثة على التوالي، إذ تقول اوساط ضليعة في فن الممكن ان العقدة ليست في اقرار القانون العتيد بل ان وحدة المسيحيين التي فاجأت الجميع وبعثرت الاوراق هي العقدة الحقيقية علماً انها ليست موجهة ضد احد بل هي مقدمة تمهيدية للوفاق الوطني الا ان بعض الاطراف لا تستسيغ عودة المسيحيين بزخم على الرقعة السياسية.
وتضيف الاوساط ان الانقسام على الساحة المسيحية عموماً وفي صفوف الموازنة خصوصاً اخرج المسيحيين من الدولة الى حدود الاحباط وتم تهميشهم في زمن الوصاية السورية من خلال المنافي والسجون وفق اقرار قياداتهم وفي طليعتهم رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع وسجنه لاعوام طوال ونفي الجنرال ميشال عون الى فرنسا ما جعل الساحة المسيحية مباحة للاقوياء من الاطراف الخارجية والداخلية معاً الا ان الظروف التي ادت الى عودة عون من المنفى وخروج جعجع من السجن توجت بوحدة مسيحية انتجتها ورقة «اعلان النوايا» التي اثبتت ان وحدة الموارنة لا يستطيع احد ان يتخطاها من القوى العظمى وهذه الوحدة اوصلت الجنرال الى «قصر الشعب» في بعبدا واطلقت ورشة قيام الدولة عبر جلسات الحكومة التي اقرت في جلستها الاخيرة في الامس الاول الموازنة منهية حقبة طويلة من الفراغ على هذا الصعيد، لتبقى المهمة الصعبة امامها وتتمثل بانجاز القانون الانتخابي المرتقب ولو اقتضى الامر تمديداً تقنياً للمجلس النيابي ربما لمدة عام وبالتقسيط كون الاستحقاق الانتخابي بات على رمية حجر، في وقت لا يزال معه سياسيو برج بابل يتناكفون حول جنس القانون الواجب اعتماده من النسبي مروراً بالاكثري وصولاً الى المختلط، علماً ان معظم اللاعبين يمارسون التقية فهم يفضلون السير بقانون الستين مع بعض «الماكياج» كونه «الاريح» والاربح في حسابات المحادل والبوسطات الانتخابية، وفي ظل ظروف امنية بالغة الدقة حيث الارهاب بات يشكل خطراً على البشرية جمعاء، وان الساحة المحلية المتلقية لن تسلم من شظايا ما بعد سقوط الرقة، وبالعودة الى قانون الستين معدلاً فاذا كانت الاصوات في العلن ترفض العودة اليه وتضمر عكس ذلك فان رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط لا يخفي تفضيله الستين واعتماد القضاء دائرة انتخابية افضل الممكن وما قوله «لسنا لقمة سائغة» الا دليل على ذلك ولا سيما وانه يستشعر خطورة تحالف «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» و«تيار المستقبل» على الزعامة الجنبلاطية في مرحلة يعتبرها الزعيم الاشتراكي الاكثر استثنائية في مسيرته السياسية على خلفية توريث نجله تيمور الزعامة ورمي عباءاتها على كتفيه، والباسه الكوفية الفلسطينية في ذكرى اغتيال والده.
وتقول الاوساط ان التشكيلة الحكومية شكلت رسالة استباقية لجنبلاط واضحة الخطوط ومقلقة في آن لقصر المختارة، فاختيار عون لطارق الخطيب وزيراً سنياً من حصة رئيس الجمهورية، حرك الفئران في عب «ابو تيمور» كون الخطيب من اقليم الخروب في وقت كانت التوقعات الجنبلاطية تشير الى امكانية توزير فيصل كرامي او عبد الرحيم مراد او ريا الداعوق مكانه، وما يعنيه الامر على صعيد الانتخابات النيابية في العرين الجنبلاطي، وكما عون كذلك الحريري الذي آثر توزير غطاس خوري مستشاره كماروني من حصة رئاسة الحكومة ما يعني ان اختيار وزيرين من الشوف دون الوقوف على خاطر البيك الاحمر يحمل ابعاداً غير مستحبة على صعيد الزعامة الجنبلاطية التي امسكت الجبل بقبضة حديدية منذ اكثر من نصف قرن. وفي طليعة هذه الابعاد ان زمن انحسارها دخل مرحلة البدايات وان جنبلاط بات مجبراً على التعامل مع واقع سياس جديد يجعله سواسية مع بقية مكونات الجبل السياسية وهذا ابغض الحلال لديه وخصوصاً وان صداقته لرئيس مجلس النواب نبيه بري تبقى شخصية وغير قابلة التقريش في الانتخابات النيابية المقبلة لانعدام الصوت الشيعي في الجبل ولا يخفي المقربون من المختارة ان البيك قلق من حالة حصار بعدما كان بيضة القبان.