بدا رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، وفي اللقاء الذي عُقد في دارته في كليمنصو لبحث موضوع مطمر الناعمة، في غاية الإنزعاج والإستياء من تردّدات هذه المسألة، خصوصاً بعد الإتهامات التي جرى التداول بها عن بعض المسؤولين في الحزب التقدمي الإشتراكي بالنسبة لإنشاء شركات متخصّصة لمعالجة النفايات، وما رافق ذلك من أخبار وشائعات ضجّت بها الساحة السياسية في المرحلة الماضية، وأدّت إلى طرح تساؤلات بحسب مصادر متابعة لحركة جنبلاط، عن كيفية مكافحة الإشتراكي للفساد، بينما يجري الحديث عن وجود مفسدين وأصحاب ثروات في الحزب. وقد تفاقم هذا الأمر مع مبادرة البلديات في منطقة الشحّار الغربي إلى التجاوب مع القرار السياسي للحزب الإشتراكي، الأمر الذي عرّضها لحملات اتهام من قبل بعض الناشطين في المجتمع المدني، كما من بعض الناشطين اليساريين الذين اعتبروا هذه البلديات غير مؤتمنة للدفاع عن مصالح المواطنين، وبالتالي، اعتبروا أنها انخرطت في لعبة المقاولات والمشاريع، وهو ما يشير، إلى أن الأمور قد تخرج عن السيطرة «السياسية» والحزبية.
وطرحت هذه المصادر تساؤلات عن الأسباب التي دفعت بالنائب جنبلاط إلى التراجع عن موقفه بالنسبة لإقفال مطمر الناعمة المقرّر اليوم. وفي هذا المجال، أشارت إلى أن زعيم المختارة عمد إلى استدراك الوقوع في المحظور من خلال قراره المتعلّق بمطمر الناعمة، وذلك لحسابات عدة أبرزها، انطلاق الحوار بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، كما بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، مما قد يؤدي إلى تراجع الدور الذي كان يضطلع به قبل مشهد الحوار الحالي، خاصة وأن اللقاءات الجارية في عين التينة لم تشمله، وذلك بالرغم من زيارة «تطييب الخاطر» من قبل الوزير علي حسن خليل والسيد نادر الحريري بعد انطلاق جلسة الحوار الأولى.
وفي سياق متصل، تحدّثت المصادر نفسها، عن عدم تحديد أية مواعيد حتى الآن مع السيد حسن نصرالله، كما مع الرئيس سعد الحريري، علماً أنه كان يتطلّع إلى الإجتماع بهما في المرحلة السابقة، بالإضافة إلى عدم تحديد موعد له لزيارة المملكة العربية السعودية. وأوضحت أن كل هذه الأمور مجتمعة قد دفعت برئيس الإشتراكي إلى إعادة قراءة الوضع بالنسبة لمطمر الناعمة، لأن أي تصعيد في هذا المجال سيؤثّر في وضعية حكومة الرئيس تمام سلام التي ستبقى مستمرة في العمل رغم كل الخلافات والتباينات والإنقسامات الداخلية، وذلك إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية. وكشفت المصادر عن أن قراراً دولياً وإقليمياً يتحكّم ببقاء هذه الحكومة، وأن استقالة أي وزير لن تؤدي إلى سقوطها، بل على العكس، فإن رئيس الحكومة سيبادر إلى تعيين بديل له، ومن دون العودة إلى أي مرجعية طائفية وسياسية نظراً لحساسية الوضع العام، وخطورة سقوط الحكومة في ظل الشغور الرئاسي. ولذلك، فإن جنبلاط تضيف المصادر، الذي كان من الأوائل الذين دعوا إلى إطلاق حوار وطني، لا يمكنه اليوم أن يسبح عكس التيار «الحواري»، وهو لهذه الغاية قد لجأ إلى المناورة من خلال الملف الغذائي الذي لاقى استحساناً ودعماً شعبياً وسياسياً إلى حدّ كبير، إنما اصطدم مؤخراً بما اعتبره البعض مبالغة في الكشف عن الفضائح، خصوصاً وأن بعض السياسيين بدأوا يسألوه عن أداء وزراء حزبه في الحكومات السابقة، وعدم فضحهم لأية ملفات تفوح منها رائحة الفساد.
وأضافت المصادر نفسها، أنه انطلاقاً من هذه الأسباب، وافق النائب جنبلاط على الصيغة التي اعتمدت في الحكومة حول مطمر الناعمة إذ اعتبر أنها تشكّل مكسباً سياسياً، بينما هي في المقابل ستؤدي إلى خسارة شعبية بعد تعبئة المواطنين في الجبل وقرى الشحّار الغربي تحديداً. لكن «أبو تيمور»، وانطلاقاً من رصيده في المنطقة، لا يزال قادراً على ضبط الوضع، وإقناع مناصريه بضرورة التكيّف مع القرارات الحكومية، وذلك بانتظار التطوّرات الإقليمية والدولية التي تنعكس بقوة على لبنان، خصوصاً وأن الإستحقاق الرئاسي ما زال بعيداً.