دخول الوسطاء على خط التهدئة بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، لا يزيل التباين القائم بين الرجلين على خلفية اسناد حقيبتي شؤون المهجرين وشؤون النازحين الى كل من القيادي في التيار الوطني الحر غسان عطالله والمقرب من الوزير طلال ارسلان صالح الغريب، ما يعتبره زعيم المختارة محاولات لمحاصرته داخل الشوف، وعلى المستوى السياسي الداخلي.
فالنائب السابق وليد جنبلاط بدا قلقاً من اكثر من تغير حصل مع الاعلان عن حلحلة التعقيدات التي كانت تؤخر عملية التأليف، ومن ثم اسناد حقيبة الممهجرين للقيادي غسان عطالله واسناد حقيبة للغريب، ولذا يقول مصدر درزي على خصومة مع جنبلاط من هذا القلق الذي انتاب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ينطلق من الآتي:
– اولاً: المفاجأة التي تلقاها جنبلاط نتيجة انجاز بعض المسائل المتصلة بتشكيل الحكومة وما بعدها دون معرفة او تنسيق معه من جانب الرئيس الحريري، حيث كان اعلن زعيم المختارة قبل ساعات من الاعلان عن التركيبة الحكومية، بان لا حكومة في وقت قريب، وبالتالي تفاجأ جنبلاط بما كان حصل من اتفاق بين الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والتي يعتبرها رئيس الاشتراكي – بحسب معلومات المصدر- انها اشبه بالصفقة ليس فقط على توزيع بعض الحقائب، بل على المرحلة المقبلة على حساب جنبلاط بالدرجة الاولىو اطراف اخرى داخلية. ويضيف المصدر ان زعيم المختارة قلق مما اتفق عليه الحريري وباسيل في مسائل كثيرة عندما تبدأ الورشة الحكومية الجديدة، بدءاً من قضايا التعيينات الى الملفات الاخرى المتصلة بتنفيذ المشاريع التي ستمّول من قروض مؤتمر«سيدر» وغيرها.
– ثانياً: اسناد حقيبة شؤون المهجرين للقيادي في التيار الوطني الحر غسان عطالله، فجنبلاط قلق ليس فقط من اعتماد معايير سياسية في انهاء ما تبقى من ملف المهجرين، بل ان تعيين ابن بلدة «البطمة» المحاذية للمختارة ومن خصومه السياسيين، يعتبره رئيس الحزب الاشتراكي محاولة جديدة لاحداث مزيد من «الخروقات» في منطقة النفوذ التاريخية للحزب الاشتراكي وللزعامة الجنبلاطية، حيث لم يقتصر الامر على تعيين احد قياديي التيار الوطني الحر ومن البلدات المجاورة للمختارة وزيراً في الحكومة، وانما تقصد الحريري وباسيل – بحسب ما ينقل المصدر عن الذين التقوا جنبلاط مؤخراً- اسناد حقيبة المهجرين للوزير غسان عطالله كتحد جديد من جانب الرجلين، استكمالاً لما حصل في الانتخابات النيابية.
– ثالثاً: تعيين الوزير صالح الغريب وزيراً لشؤون النازحين ما يؤشر – بحسب ما ينقل المصدر عن زوار المختارة – الى ان الرئيس الحريري يسير في احتمال فتح الحوار الرسمي بين الحكومتين اللبنانية والسورية، ولو عبر الوزراء الذين يعتبرون حلفاء لدمشق، وبالتالي، اعتباره ان المرحلة هي مرحلة تطوير العلاقة مع سوريا، في حين ما زال جنبلاط يرفض بالمطلق اي حوار او حتى تواصل رسمي مع الحكومة السورية، بل انه لم يوقف يوماً حملته على النظام في سوريا، ما يعرقل عودة النازحين السوريين، وهو الامر الذي يتفق عليه جنبلاط مع رئىس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ويوضح المصدر انه رغم كل النصائح التي اسداها الرئىس نبيه بري للنائب السابق وليد جنبلاط بتهدئة مواقفه من سوريا، وبالتالي التوقف عن حملاته المستمرة ضد الرئىس السوري بشار الاسد، لكن جنبلاط لم يأخذ بهذه النصائح، حتى ان المصدر يتحدث عن ان الرئىس بري منزعج من اصرارجنبلاط على المضي في تصعيده ضد النظام السوري.
وعلى هذا الاساس، يوضح المصدر ان زعيم المختارة سارع بعد شعوره بأن هناك نوعا من «الصفقة» بين الحريري وباسيل ليس فقط داخلياً، بل بما خص التوجه لفتح حوار رسمي مع الدولة السورية من خلال الوزير باسيل ووزراء آخرين، الى ارسال الوزير اكرم شهيّب الى معراب للقاء رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع للتنسيق في كيفية مواجهة المرحلة الجديدة، كما ارسل الوزير وائل ابو فاعور الى السعودية للاطلاع من بعض المسؤولين هناك على توجهات النظام السعودي من الانفتاح العربي نحو سوريا، والذي قد ينطبق على الجانب اللبناني الرسمي، وبالتالي لمعرفة ما اذا كان الرئىس الحريري ينسق سياساته بما خص التوجهات لسياسته في مرحلة ما بعد تشكيل الحكومة مع المسؤولين السعوديين، ولذلك فإن خيارات جنبلاط للمرحلة الجديدة ستتوضح في ضوء ما عاد به الوزير ابو فاعور من الرياض.