اتسعت دائرة الحراك الجنبلاطي في الآونة الأخيرة، وتزامنت مع جملة مواقف سياسية حملت الكثير من الدلالات في توقيتها، كما في مضمونها. وقد كان لافتاً توجّه النائب جنبلاط بصورة مفاجئة الأسبوع الماضي إلى فرنسا، حيث عقد لقاءً مع الرئيس فرانسوا هولاند اتّسم بالأهمية، بحيث عاد بعدها رئيس الحزب الإشتراكي إلى بيروت مع انطباع واضح بأن المرحلة المقبلة تحمل في طياتها تطوّرات دراماتيكية خطيرة.
وقد أوضحت مصادر سياسية قريبة من زعيم المختارة، أن الأزمة السورية مرشّحة لأن تمتدّ لفترة طويلة، مما سيرفع من منسوب القلق في لبنان كما في المنطقة، بالإضافة إلى التطوّر الجديد المتمثّل بأحداث اليمن، والذي فتح الباب واسعاً أمام عملية خلط أوراق على مستوى منطقة الشرق الأوسط. وفي هذا الإطار، كانت الدعوة من قبل جنبلاط إلى نواب كتلته للإلتقاء لبحث هذه العناوين، وذلك بعد طول انقطاع عنهم. وبالإضافة إلى وضع الكتلة في أجواء زيارة جنبلاط الباريسية، فقد كان بارزاً النقاش الذي تمحور حول الضربة الخليجية لليمن ومدى تداعياتها وانعكاساتها على الوضع العربي بشكل عام واللبناني بشكل خاص. وأضافت المصادر أن جنبلاط أكد وقوفه إلى جانب السعودية في خطوتها الأخيرة في اتجاه اليمن، وهو ما عبّر عنه رئيس الإشتراكي فور بدء عملية «عاصفة الحزم».
كذلك بحث المجتمعون، وبحسب المصادر نفسها، في ملف التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، إضافة إلى الجلسة النيابية التشريعية المرتقبة، وتطوّرات العمل داخل حكومة «المصلحة الوطنية». وكشفت المصادر أن الهدف من عودة اجتماعات الكتلة، هو رسم مسار جديد للعمل النيابي، في الظروف الدقيقة المحلية والإقليمية، خاصة وأن جنبلاط كان واضحاً في موقفه الداعم للسعودية، والذي أتى بعد أيام قليلة على ردّه التهكّمي على تصريحات إيرانية تناولت المنطقة ولبنان، وتحدّثت عن قيام الأمبراطورية الفارسية. وهنا يُطرح سؤال بارز على أكثر من مستوى يتناول تأثير هذه المواقف على علاقة النائب جنبلاط مع «حزب الله»، والتي ما زالت هادئة، وإن كانت لم تصل بعد إلى مرحلة التفاهم التام والإستقرار، بل بقيت تركّز على تنظيم الخلاف والتهدئة والتعاون الميداني ساحلاً وجبلاً.
في المقابل، لفتت المصادر نفسها، إلى استياء يبديه حلفاء «حزب الله» تجاه المواقف الجنبلاطية الأخيرة، متوقّعة أن ينعكس ذلك على العلاقة بين جنبلاط و«حزب الله». لكنها استدركت موضحة، أن الإتصالات قائمة بين الطرفين عبر عدّة أقنية ووسطاء من ضمنهم النائب غازي العريضي الذي يُعتبر الوحيد داخل الحزب الإشتراكي الذي تربطه علاقات وثيقة بالحزب.
وفي سياق متصل، تحدّثت المصادر ذاتها، عن ارتدادات عدة على الساحة الدرزية الداخلية بعد دعوة جنبلاط لدروز سوريا بالإنتفاضة ضد النظام السوري، وهو ما ظهر من خلال المواقف المتتالية لشخصيات وفاعليات درزية، انتقدت موقف رئيس الإشتراكي، ودعت إلى التنسيق مع النظام السوري، وإلى تأييد إيران بالكامل. وانطلاقاً من هذه المعطيات، لفتت المصادر نفسها، أن زعيم المختارة يعمل في المرحلة الراهنة لتفادي أي انزلاق كلي نحو التصعيد، ويحاول الإبقاء على استقرار العلاقة مع «حزب الله»، وإن كان مستمراً في مواقفه المناهضة للنظام السوري.