على الرغم من تشابه رئيس الحكومة سعد الحريري بالنائب وليد جنبلاط من ناحية تقلباته السياسية، بحيث تخطاه في بعض الاحيان من خلال ترشحه الاضداد للرئاسة وإنفتاحه عليهم الى ابعد الحدود مع مشروع تحالفي في الانتخابات النيابية. ما جعل الخلاف سائداً بين الرجلين من دون اي تقدّم ايجابي اليوم في هذه العلاقة ، بإستثناء وقف الحملات الاعلامية والتغريدات المضادة بطلب من الرئيس نبيه بري، كما ان جنبلاط طلب من نوابه ومسؤوليه عدم التطرّق ابداً الى الخلاف الحاصل مع رئيس الحكومة. حتى ان نواب الحريري يتحدثون بالايجابية ويجزمون بأن لا قطيعة بل فقط سوء تفاهم .
إلا ان حدس جنبلاط لا يخطئ وهو القارئ السياسي الذي يرى دائماً للبعيد البعيد فتشعره حاسته السادسة بما يخطًط له، لذا لا يخطئ ابداً لانه ومنذ بدء تغزّل الحريري بالعماد ميشال عون ودعم ترشحه الى الرئاسة وقبله دعم النائب سليمان فرنجية لم يعد يشعر جنبلاط بالامان من الحريري تقول مصادر متابعة، على الرغم من ان الاول سبقه من هذه الناحية في العام 2011 حين دعم الرئيس نجيب ميقاتي واسقط حكومته. إلا ان الزعيم الاشتراكي فهم منذ مدة بأن التسوية الأخيرة في ما خص قانون الانتخاب، كرّست التحالف بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وانتجت خوفاً على علاقة «المستقبل والاشتراكي»، وعلى دوره كممثل للاقلية. خصوصاً حين قرّر الحريري دعم القانون التأهيلي الذي طرحه الوزير جبران باسيل، الامر الذي اوجد خوفاً كبيراً لدى الناخب الدرزي. ومنذ ذلك الحين إتسعت رقعة الفتور بين الزعيمين لتصبح مشابهة للقطيعة فكانت رسالة بعثها جنبلاط للحريري على لسان النائب غازي العريضي الى بيت الوسط مفادها « ان لا احد يفاوض بإسم جنبلاط»، ثم توالت الاختلافات فأتى ملف مجلس الشيوخ ليزيد الشرخ خصوصاً بعد طلب جنبلاط بأن ُتعطى رئاسته للدروز الامر الذي رفضه الحريري مخافة « زعل» الحليف الجديد أي التيار الوطني الحر، ما خلق واقعاً سلبياً بين «المستقبل والاشتراكي» ما زال قائماً حتى اليوم على الرغم من الوساطات القائمة.
الى ذلك سألت المصادر نفسها عن إمكانية تبديد الخوف الجنبلاطي من تحالف «التيار الوطني الحر والمستقبل والقوات»؟، وبالتالي ما الذي يُحضّر له؟، ولفتت الى ان جنبلاط مستاء اليوم اكثر من أي وقت مضى بسبب إنحياز الحريري لبعبدا بشكل غير مسبوق .
وذكرّت المصادر بأن جنبلاط عمل على إعادة قانون الستين مع بعض التغيّيرات، لانه اراد خوض معركة تثبيت الطائف الدرزية كما يقول دائماَ، وما يهمه ويردده دائماً هو مصلحة الطائفة اولاً، ولذا يحظى دائماً بغفران هفواته من قبل الدروز الذي يعمل على تثبيت مكانتهم ضمن البيئة اللبنانية، وهذا لا يحصل إلا من خلال قانون الستين الذي حافظ على كتلته المنوّعة من قبل طوائف عدة، إلا ان آماله لم تتحقق هذه المرة.
ورأت بأن جنبلاط اراد ثمناً ما لقاء تسهيله إنتخاب عون رئيساً للجمهورية ، لذا طالب بأن ُتراعى ظروفه السياسية والانتخابية كي تعاد كتلته كما كانت، ومن هذا المنطلق نظر الى الطريقة التي تعامل بها رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع النائب سليمان فرنجية وعمل على إعطائه وزارة خدماتية كالاشغال، فنظر الى حلفائه من هذا الباب أي مراعاة ظروفه من خلال إبعاد هواجس القانون النسبي عنه، فإنتظر دعماً من رئيس المجلس وحزب الله اللذين طرحا هذا القانون المخيف بالنسبة لزعيم المختارة، وهذا ما راهن عليه، فوصل له حقه من خلال ضَمّ قضاءي الشوف وعاليه، لكنه يفضّل ربط موافقته بسلّة تحالفات مع الفريق المسيحي من جهة، والفريق الشيعي من جهة ثانية .
وختمت هذه المصادر» بأن زعيم المختارة وعلى الرغم من وحدته اليوم يجد دائماً من يطمئنه أي رئيس المجلس النيابي، بحيث يقف دائماً وبقوة امام حائط عين التينة حتى بات بمثابة المبكى بالنسبة له لانه يعيده دائماً منتصراً، وهو الوحيد الذي لم ينقلب عليه حتى في عز عدائه لقوى 8 آذار».