جنبلاط لم يعد «مُطابقاً لمواصفات» النظام السياسي الطائفي ! الاشتراكي : ما طرحه لا يتعدّى حدود الإدارة الكفوءة دون المسّ بجوهر الطائف
لم يتطرق النائب وليد جنبلاط الى تعديل اتفاق الطائف سياسيا بل طلب تنفيذه تقنيا في اشارة منه الى وضع الادارة التي دخلت فيها وعليها السياسة وافسدتها وهو يقر انه شريك في هذه العملية كأحد اقطاب السياسة واركان الطبقة السياسية التي ينظر اليها المواطنون على انها فاسدة.
ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وهو احد زعماء النظام السياسي الطائفي وشريك اساسي في المغانم والمحاصصة هو الاجرأ من بين السياسيين في النقد الذاتي كما تقول مصادر سياسية تقرأ في ما قاله جنبلاط مؤخرا على انه صرخة في وجه من ما زال يحوّل الادارة الى مزرعة له وتطييف الوظائف بالرغم من ان الطائف اقرّ بإلغاء طائفية الوظيفة في كل الوظائف باستثناء الفئة الاولى التي يحفظ فيها التوزيع الطائفي من دون ان يحدد مراكزها والتي تبدلت خلال عقود وحصلت فيها مداورة سوى مواقع قليلة كقيادة الجيش والمدير العام لقوى الامن الداخلي وحاكم مصرف لبنان.
ولقد تشجع جنبلاط على طرح الفساد في الادارة وعدم الكفاءة فيها على حدّ قول المصادر، الى ما كشفه وزير الصحة وائل ابو فاعور عن فساد يعشعش في وزارة مؤتمنة على صحة المواطنين وان خطواته الاصلاحية فيها لجهة كشف الفضائح فيما تقوم به المستشفيات من اختلاس لاموال الدولة عبر التزوير للفواتير التي تتعلق بالمرضى الذين يعالجون على حساب الوزارة والهدر الحاصل فيها وقدره الوزير ابو فاعور بحوالى 130 مليون دولار هو مبلغ يكفي لاستشفاء وطبابة الاف اللبنانيين غير المضمونين وهو الذي دفع بجنبلاط الى فتح ملف الادارة وهو له فيها مدراء عامون وموظفون وبعضهم دخل ايضا من خلال المحاصصة لا بل معظمهم ينتمون الى الحزب التقدمي الاشتراكي وهو ما يطرح عليه اعباء ان يقدموا هؤلاء صورة ايجابية وادارة جيدة وفق ما تقول المصادر التي تلفت الى ان جنبلاط الذي لم يوفر مسؤولين في حزبه اختلسوا اموالا او تسببوا بهدر او ظهر عليهم الثراء من ان يخرج من ارتكب في السجن او يسترد منه الاموال او يشهّر به، فانه قادر ان يقدم نفسه كإصلاحي للادارة وفصلها عن السياسة من خلال «صحوة ضمير سياسية» وهو ما مارسه فعليا في تعيينات اخيرة تخلى فيها عن حصته.
فما اقترحه جنبلاط عن الطائف له علاقة فقط بالادارة وفصلها عن السياسة، بالعودة الى الكفاءة التي ترجمها عهد الرئيس فؤاد شهاب بانشاء مجلس الخدمة المدنية الذي يعلن عن مباراة لوظائف ومازال، لاختيار الفائزين فيها من اصحاب الكفاءة، وهو ما نص عليه اتفاق الطائف، اذ تكشف مصادر قيادية في الحزب التقدمي الاشتراكي، ان حدود ما طرحه جنبلاط لا يتخطى حدود الادارة الكفوءة والبعيدة عن السياسة والحزبية والطائفية والمذهبية، ودون المس بجوهر الطائف الذي فيه ثغرة ظهرت بالممارسة وهي توقيع رئيس الجمهورية والوزير على المراسيم، اذ ان الوزير اقوى بصلاحيته من الرئيس، كما في وزارته يتصرف فيها بحصرية حزبية وسياسية واحيانا طائفية.
فامام الازمات الكبرى والحروب المدمرة التي تعصف بدول وشعوب من حولنا، فإن جنبلاط يدعو في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة، من تحسين الاداء وتقديم خدمات فضل للمواطنين وضمان امنهم الصحي والاجتماعي، والانتهاء من ازمة الكهرباء التي مضى عليها نحو عقدين وتصرف عليها مليارات الدولارت دون حل له، تقول المصادر التي تشير ان كل ما قصده رئيس الحزب، هو الاهتمام بقضايا المواطنين بعد ترسيخ الاستقرار الامني، الذي يشدد عليه، لأن من دون امن، لا يمكن ان تبحث او تتحدث عن امن آخر اجتماعي وصحي، واصلاح اداري.
فعناوين الطائف الدستورية والسياسية والميثاقية، لا يقترب منها جنبلاط، ولا يدعو الى تعديل الطائف كما فهم البعض، ولا يدعو الى نقضه كما قرأ البعض، بل كل ما يطلبه تطبيق الجوانب الادارية والانمائية منه.