اذا كان رئىس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط قد غرّد اثر اغلاق «مطمر الناعمة» انه لا يستبعد ان تكون لكل طائفة في لبنان ولكل مذهب مزبلته او مطمره، فان سخرية جنبلاط لم تكن عبثية، فالمعروف عنه انه «ملك» في تمرير الرسائل الاكثر جدية بلباس ساخر، فالنفايات التي لا يتم فرزها، فرزت اللبنانيين ووزعتهم على مكبات مذهبية، وكشفت المستور في عظائم الامور بحسب اوساط متابعة لمواقفه وتحركاته، من حيث الشرخ الذي ضرب المكونات اللبنانية حيث قبائل البلد الصغير تتموضع في «غيتوات» طائفية لم تعد خافية على احد وسط حفلات التكاذب والمحاضرات في نعمة العيش المشترك، في مرحلة هي الادق استثنائىة في تاريخ الشرق الاوسط حيث يتم اعادة «تركيب» المنطقة على اسس مذهبية وعرقية بعد سقوط اتفاق «سايكس – بيكو» على يد «داعش» ومشتقاته، واعلان وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان سوريا باتت في خانة التقسيم وملاقاة موسكو للموقف الاميركي باعلانها ان الفيدرالية هي حل من الحلول لسوريا، على قاعدة ان روسيا الاتحادية وحتى الولايات المتحدة الاميركية هي فيدراليات تحكم نفسها ذاتيا حيث لكل ولاية قانونها الخاص الذي يتناقض مع ولايات اخرى، فالممنوع في ولاية ويعاقب عليه القانون مسموح في ولاية اخرى ويعتبر من الامور البديهية، الا ان الدولة الفيديرالية تبقى موحدة في الامور الخارجية والمالية والدفاع والداخلية وفق الاوساط المواكبة للمجريات.
هذه المعطيات غربلها جنبلاط ونخلها منذ اندلاعة الحروب في المنطقة وخصوصا في سوريا تضيف الاوساط، لذلك يجهد الزعيم الدرزي للرجم في الغيب السياسي لتحييد الطائفة الدرزية حتى ولو ادى به الامر كما فعل بتبرئة «جبهة النصرة» و«داعش» من تهمة الارهاب، لا بل فتح قنوات مع الفصيلين التكفيريين بعدما استشرف آفاق المرحلة الاكثر غموضا في تاريخ الشعوب لا سيما وان قناعته بأن تحالف الاقليات يشكل مقتلاً لها وان الحل يكون بسباحة الاقليات في بحر الاكثرية لتحافظ على وجودها، الا ان حساباته لم تطابق بيدر لعبة الامم، فلا الاقليات تحالفت او حاولت وغرقت في بحر الاكثرية حيث السباحة قرار توافق عليه الدول الكبرى او العكس، وربما لهذا السبب تعتبر الاوساط انه يكثف اتصالاته مع مواقع القرار الخارجية لعله يتلمس طريق النجاة للموحدين الدروز ومعرفة ما يطبخ للاقليات في المنطقة، وما زيارته الحالية الى باريس حيث التقى صناع القرار الفرنسي ويلتقي اليوم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الا دليلاً على ذلك اضافة الى انه سيحاول معرفة الموقف السعودي من لبنان بعد ايقاف الصفقة التي تمّ التوقيع عليها لتسليح الجيش اللبناني بين السعودية وفرنسا وعما اذا المملكة ستفرج عنها في مرحلة لاحقة.
وتشير الاوساط الى ان انتقال الجيش اللبناني من الدفاع الى شن غارات استباقية على «داعش» ودمرها في جرود رأس بعلبك والقاع حيث طهّر مواقع داعشية متقدمة متعددة وسيطرته عليها كتلة خلف وتلة 64 يظهر بشكل واضح ان المؤسسة العسكرية لو سُلّحت كما يجب فان «داعش» ومشتقاته ليس اكثر من نمر من ورق وقد ثبت ذلك في معارك يوم امس، وقبل ذلك في عملية وادي الارانب في جرود رسال حيث فاجأ مجموعة للفصيل التكفيري فقتل بعضهم واستلم بعضهم الآخر، وربما هذه المجريات ستكون في صلب لقاء هولاند وجنبلاط الذي سبق له وارسل الوزير وائل ابو فاعور الى السعودية في عملية استطلاع وقراءة الفنجان السعودي.