IMLebanon

جنبلاط اغرق البلد بالنفايات واتصال العسيري حوّله الى مدافع عن الحكومة

اذا كانت حركة «طلعت ريحتك» بدأت بتحرك حفنة من الشباب الرافضين ان يحسبوا على احد من التيارات السياسية، فان النتائج لهذا التحرك جاءت كارثية اثر مصادرة السياسيين للحراك المدني اذا جاز التعبير والاستثمار فيه، حيث بدا المشهد الصدامي في الشارع بين المعتصمين على ابواب السراي والقوى الامنية من وحدات مكافحة الشغب والحرس الحكومي مواجهة بين فريقي 8 و14 آذار بطريقة او باخرى تمثلت باعمال الشغب في الشارع من جهة واستعمال القوة المفرطة من قبل رجال الامن من جهة اخرى، ما اعاد الى الاذهان الاجواء لتي سادت عشية ما حصل في 7 ايار عام 2008 وفق الاوساط المواكبة للوقائع الميدانية.

واذا كان التحرك في يومه الاول بدا يتيماً ما شجع السلطة المعنية على فضّه بالقوة، الا ان بعض الاطراف السياسية سرعان ما منحته عباءة و«ماوية» كان من نتائجها انحراف الحراك عن اهدافه بحسب اوساط متابعة، على الرغم من انها لامست المراهقة السياسية مع انعدام التنظيم والتنسيق في صفوفه لانعدام الهيكلية ما يشير الى ان حركة «طلعت ريحتكم» على الرغم من الثغرات المذكورة كانت عفوية ومستقلة عن طرفي النزاع في البلد، وربما هذه النزعة الحيادية هي ما دفعت بعض الاطراف السياسية الى محاولة مصاد رتها وتوجيهها وفق ما تطمح اليه ما حوّل الحراك السلمي الى شغب كاد يحرق البلد بشراً وحجراً في مرحلة هي الاكثر استثنائية في تاريخ لبنان والمنطقة، في ظل عجز اصحاب المبادرة «طلعت ريحتكم» عن التحكم بحركة المعتصمين ووقوعهم اسرى ما سموّه بالمندسين المحسوبين على قوى سياسية معروفة الذين نجحوا بمصادرة الحراك وحرفه عن سلميته كونه من الممنوع داخلياً خروج «القطيع» من سلطة الاقطاع.

وتشير الاوساط الى ان المواقف من الحراك الذي كان يفترض ان يكون سلمياً ومدنياً وغير محسوب على طرفي النزاع من فريقي 8 و14 آذار اشارت في مضامينها الى انه من المستحيل مرور اي حراك مطلبي مستقل بعيداً عن الممرات السياسية الالزامية، «فالتيار الوطني الحرّ» الذي اعلن دعمه وتعاطفه مع التحرك الى حد دفع النائب نبيل نقولا بتعليق عضويته في مجلس النواب ومشاركة الوزير الياس ابو صعب في بدايات الحراك. فان موقف التيار البرتقالي فسره التيار الازرق بان ما يحصل محاولة من البرتقاليين محاصرة السراي ردا على الخلاف داخل الحكومة على آلية اتخاذ القرارات داخل مجلس الوزراء، والتي لا تزال موضع اخذ ورد بين الطرفين بين المطالب باعتماد الاكثرية وبين الرافض لها والمشدد على الاجماع في ظل شغور الموقع الرئاسي الاول.

ولعل اللافت وفق الاوساط موقف رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي والنائب وليد جنبلاط الذي اعلن دعمه للحراك داعيا انصاره ومحازبين الى المشاركة فيه في ظل «الكباش» الحاصل بينه وبين «تيار المستقبل» على خلفية لقائه الرئيس سعد الحريري في باريس في رحلته الاخيرة ومحاولته اقناعه تخطي العماد ميشال عون وحلفاءه في الجلسات الحكومية واصدار القرارات بالاكثرية وليس بالاجماع معيدا الى ان الاذهان الايقاع الجنبلاطي عشية عملية 17 ايار 2008 يوم اجبر الحكومة على اتخاذ قرارات كادت تطيح بالبلد، الا ان الحريري لم يقتنع بالطرح الجنبلاطي على خلفية انه لا يلدغ من جحر مرتين وهو لم ينسى انقلاب جنبلاط عليه يوم وطئت قدمه عتبة البيت الابيض. اضافة الى قناعته ان ازمة النفايات التي تعصف بالبلد افتعلها «ابو تيمور» على خلفية حربه مع «سوكلين» لاسباب لا تخفى على احد، وعلى قاعدة انه الاحق باستثمار نفط النفايات طالما ان مطمر الناعمة يقع داخل امارته بينما ذهبه يصب في خزائن اخرى، وان حصة امارته منه ضئيلة قياسا على ما يتحمله من تبعات جراء تغطيته له، ولكن دعم جنبلاط للحراك المدني سرعان ما اعلن انسحابه منه محذرا انصاره من المشاركة فيه كونه تحول من قضية مطلبية الى حركة تريد «اسقاط الحكم»، الا ان السبب الرئيسي لتراجع جنبلاط يعود وفق المعلومات الى اتصال تلقاه من السفير السعودي علي عواض العسيري لدعم الرئيس تمام سلام، فتلقف الطلب بسرور لعله يفتح له ثغرة في الجدار السعودي المسدود في وجهه، لا سيما وانه لا يزال يعاني مرارة استقبال السعودية للدكتور سمير جعجع على طريقة استقبال رؤساء الدول.