قد يكون رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، شعر أخيراً بأن ظروفه السياسية وربما الصحية، بدأت تملي عليه الاعلان عن مواقف تحدد ماهية الاوقات الصعبة التي يمر بها الرجل، في سياق زعامته الوطنية والدرزية، لاسيما عند اشارته الى أنه يفضل الانتحار بشروطه بدلاً من الذهاب الى سوريا، ومفضلاً بالتالي التمسك بمعارضته السياسية والأخلاقية لممارسات النظام السوري (…)
ان التوازن في كلام جنبلاط الآنف واضح وصريح ويوحي بأن لا مجال لاعادة النظر في مواقفه من الأوضاع في سوريا ومن الحرب في سوريا والمحيط العربي ككل، خصوصاً ان كلامه جاء في أرقى مركز ثقافي – سياسي له ثقله لكل من يصدر عنه على المستوى العملي، أضف الى ذلك ما قيل عن مواقف الرئيس باراك أوباما ازاء التطورات في سوريا تحديدا وفي كل من العراق واليمن، لجهة عدم تغيير أميركا موقفها من كل من طرأ من احداث عسكرية واقتصادية – استراتيجية، بعدما قال الرئيس الاميركي صراحة ان «على الاسد ان يتنحى» اثر ما طرأ من تطورات غير الكثير من المعادلات العسكرية».
ان تذكير الاميركيين بخطأهم في طريقة التعاطي مع الحرب في سوريا، لجهة التغيير الذي طرأ على مرحلة شبيهة بما سبق وحصل يوم ساعد الاميركيون المجاهدين في افغانستان وأتاح لهم الحاق الهزيمة بالاتحاد السوفياتي.
ومما قاله جنبلاط صراحة: انني «أتحدث عن مرحلة 2011-2012، في أوج معركة حمص، وفي ذلك الوقت، لم يكن هناك وجود لتنظيم «داعش» ولا لجبهة النصرة، لافتا الى أنه بسبب الأحداث في العراق وسوريا وليبيا، نسينا فلسطين والصراع العربي – الاسرائيلي، وهنا أتساءل ما اذا كانت الادارة الجديدة ستولي حقا اهتماماً الى هذه المسألة.
وأشار الى ان ثمة نوعا من تقاسم السلطة بين الولايات المتحدة وبين القوتين الصاعدتين الجديدتين: ايران وروسيا بالطبع، لطالما كان للروس حضورهم، غير أن سياسة فلاديمير بوتين وتوجهاته العدوانية من أوكرانيا الى القرم فسوريا، قد ترسي نظاماً جديداً، وحدوداً جديدة، بالتشارك مع الأميركيين وبتقاسم النفوذ معهم.
وقال «نستشف اخيرا مؤشرات جديدة عن تحول تركي مثير للقلق، إذ يتردد أنه قد يُعقد اجتماع بين بشار الاسد والرئيس التركي رجب طيب اردوغان في موسكو. فبالنسبة الى الأتراك، الهم الأساسي هو التهديد الكردي، وهم الآن يتعاطون مع الأكراد، ويتناسون معاناة الشعب السوري. حيث لا نزال في بداية تغيير ديموغرافي كبير في سوريا، على حساب السنّة الذين يُطردون الى لبنان والأردن وتركيا وأوروبا. أما الباقون فيحاصرون داخل سوريا وفقاً لمخططات بشار الذي يسعى من خلالها الى الحد من نفوذ السنّة، معلنا ان ما نراه في سوريا أسوأ مما حل بالفلسطينيين في العام 1948».
وتابع جنبلاط: «سأتمسك بمعارضتي السياسية والأخلاقية لممارسات النظام السوري، فبعد خمسة أعوام، لايزال الاسد في السلطة، ولايزال النظام قائماً، مشيرا الى الفضيحة التي ظهرت أخيراً حول مساعدات الأمم المتحدة الى سوريا والتي تتنافى مع ادعاءات المنظمة بأنها تعمل من أجل حماية حقوق الانسان.
أضاف «حليفي الأقوى يزداد ضعفاً باطراد، وهذا محزن جداً، معلنا ان من يبتّ في الموضوع الرئاسي هما القوتان الاقليميتان، ايران وسوريا. ولا ينبغي التقليل من شأن النفوذ الذي يتمتع به بشار وقدرته على إفساد الامور. هدفهم إخضاع المناطق التي يسيطر عليها الثوار في سوريا. فعندما ينجحون في تحقيق ذلك، وهم يعملون على تحقيقه بصورة تدريجية إنما مقابل ثمن باهظ جداً، يمكنهم أن يفرضوا على لبنان وصاية جديدة، ربما مع شروط جديدة».
وكرر جنبلاط: «المصالحة مع بشار الاسد تعني نهايتي السياسية. أفضّل الانتحار بشروطي أنا بدلاً من الذهاب الى سوريا ومصافحة بشار».