IMLebanon

جنبلاط يترحّم على الانتداب الفرنسي

في تغريدة فريدة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط ولو حاول اضفاء شيئ من المزاح فيها وفق اسلوبه الساخر المعروف اعلن الزعيم الاشتراكي ترحمه على الانتداب الفرنسي وعلى اتفاق «سايكس – بيكو» معلنا انه سيطلب من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند انتداب لبنان مجددا كمخرج لانتخاب رئيس للجمهورية، الا ان السخرية الجنبلاطية حملت في ثناياها الكثير من الحنين الى ايام «الام الجنون»، يوم كانت سيدة المختارة الست نظيرة جنبلاط من ابرز اللاعبين على الرقعة السياسية اثر مصرع زوجها فؤاد جنبلاط على يد شكيب وهاب الذي كان يشكل ركناً من اركان الثورة السورية الكبرى ومن اقرب المقربين الى سلطان باشا الاطرش.

ولعل اللافت تقول اوساط متابعة ان التاريخ يتكرر في معظم الاحيان، ولكن في هذا الشرق المترامي الاطراف كون الشرقيين يعيشون في الماضي اكثر من تطلعهم نحو المستقبل، وهذه الصورة تنسحب على الساحة الدرزية في لبنان وسوريا، فيوم اعلان الثورة السورية من قبل سلطان باشا الاطرش ضد الانتداب الفرنسي، كانت دارة المختارة مربض خيل الجيوش الفرنسية، فتوجهات دروز سوريا تناقض مع توجهات دروز لبنان كون جبل العرب الدرزي كان ولا يزال معطلا للعروبيين الذين اخلصوا لسوريا في كافة حقباتها، خصوصا وان الاطرش اشعل الثورة اثر مداهمة الفرنسيين منزله واعتقال القائد الجنوبي ادهم خنجر الذي حاول قتل الجنرال غورو الذي «بشطحة قلم صنع لبنان الكبير» الذي ينظر جنبلاط الى مستقبله ووجوده بكثير من القلق وسط الحرائق الكبرى التي بدأت تلفح بلهيبها ابواب السويداء حيث الدروز على سلاحهم استعداداً لمواجهة التكفيريين وعلى الرغم من ذلك لا يزال جنبلاط على موقفه من النظام السوري حيث يرى ان النظام المذكور يسير الى نهايته اثر سقوط اللواء 52 في يد المعارضة السورية.

وتضيف الاوساط ان حنين جنبلاط الى زمن الانتداب له ما يبرره في الايام السود التي تعصف بالمنطقة حيث «داعش» يشكل وحشاً بربرياً يقتل ويسبي ولا يعيش الا على استباحة الاعناق والارزاق، اضافة الى «جبهة النصرة» التي جهد جنبلاط لفتح قنوات اتصال معها عبر تركيا والاردن لحماية دروز جبل السماق، الا ان جهده ذهب مع الريح حيث اقتحمت «النصرة» بلدة قلب لوزة في الجبل المذكور وقامت بذبح 40 من المشايخ والشباب الدروز بينما في ايام الانتداب الفرنسي لم يتعسف المستعمر الفرنسي قياسا على التكفيريين بل لا مجال للمقارنة بين الاثنين، فالفرنسيون كان الانكليز يصفونهم بـ«الاستعمار الغبي» على خلفية انهم ابان استعمارهم للشرق ولافريقيا خلفوا وراءهم بصمات حضارية بارزة من المواصلات عبر السكك الحديدية مرورا بالبعثات الثقافية وانشاء الجامعات وعلى الرغم من رحيلهم، فإن اللبنانيين ودول المنطقة لم تبلغ سن الرشد وتحكم نفسها بنفسها بل بقيت تدار من بعيد من قبل الغرب الاوروبي سابقا والاميركي لاحقاً.

وتشير الاوساط الى ان جنبلاط يعيش مرحلة هي قمة في اليأس كون الظلامية تعصف بالمنطقة لا سيما وان الاقليات في مهب الريح من الدروز الى المسيحيين وغيرهم من المكونات للوطن، وقد جهد مع انطلاقة الاقتتال في سوريا الى تحييد الدروز على قاعدة ان تحالف الاقليات يشكل مفصلا لها مفضلا السباحة في بحر الاكثرية، الا ان هذه الاكثرية باتت رهينة لـ«داعش» ومشتقاتها التي ترفع شعار «بالذبح جيناكم» وما يخشاه جنبلاط ان يتم دفع دروز سوريا «للتعامل مع الشيطان» لا سيما وان اسرائيل تحاول من خلال بعض الضباط الدروز في لواء غولاني اقناعهم بطلب الحماية، ولذلك تضغط عليهم عبر «النصرة» في منطقة القنيطرة وكذلك الامر في منطقة السويداء في مخطط اسرائيلي لجعل الدروز حزاماً امنياً وحراساً لثغورها.