IMLebanon

جنبلاط يُفضّل الانتقال من «الوسطيّة» الى «الانزواء» بعد «تحطّم حلمه بين الروم والعجم واليهود»

بدا النائب وليد جنبلاط في الذكرى الاولى لاغتيال القيادي في الحزب التقدمي الاشتراكي سامي مروش حزيناً حتى درجة اليأس ومربكاً في استشرافه لآفاق المرحلة واختصر الامر بالقول «الماضي يمطمئنني والمستقبل يخيفني»، وكأنه يتحسر على الزمن الجميل الذي عاشه في الخندق الدمشقي قبل ان يغادره طلباً لـ «تارات» كثيرة يحمل القيادة السورية المسؤولية عنها وفق الاوساط المواكبة لايقاع الزعيم الاشتراكي.

لم يبق من الماضي الذي اطمأن إليه جنبلاط سوى الفتات والركام وبقايا الحضارات تقول الأوساط، وكذلك بالنسبة الى علاقاته مع الافرقاء المحليين منهم والاقليميين، فعلى صعيد علاقاته مع القوى الخارجية التي تصنع الاحداث فإن الثقوب الكثيرة اصابت هذه الشبكة، بدءاً من حلفه التاريخي مع دمشق الذي تحول الى خصومة تعدت حدود العداء، ولا يزال الزعيم الاشتراكي يقف على «ضفة النهر ليرى جثة خصمه» الا انه فوجىء بخطئه في الرؤيا اثر انقلاب الموازين وصمود الجيش السوري، فإذا به يندفع في رفع خصومته مع حلفاء الأمس بالانفتاح على التكفيريين من «داعش» و«جبهة النصرة» متناسياً مقولته حول الوحش التكفيري، ويبدو ان جنبلاط وصل الى قمة اليأس ولم يعد لديه شيء يخسره على الحلبة السياسية في لعبة «قاتل أو مقتول».

أما على صعيد علاقته مع دوائر القرار في الادارة الاميركية فقد مني بخسارة فادحة بحسب الأوساط، تمثلت بخروج السفير السابق جيفري فيلتمان الذي يسميه جنبلاط تحببا بـ «الرفيق جيف» من مركز القرار في الادارة المذكورة فانقطعت بذلك اهم قناة كانت ترفده بالمعلومات التي كان يبني عليها مواقفه الاستباقية وفق الاوساط المواكبة اما احواله على الحلبة المحلية فليست باحسن حال فهو يراكم الخسارات عبر رئبقية مواقفه ما يشير الى ان الزعيم الاشتراكي اضاع البوصلة ويتلمسز النجم القطبي في محاولة لتحديد موقعه.

وتضيف الاوساط ان جنبلاط حاول في المعمعة الداخلية إعادة ترتيب تموضعه مغادراً 41آذار بعدما كان يشكل رأس حربتها فخسر الفريق الذي قاده ذات اغتيال ولم يربح فريق 8 آذار، فيمم شطر الوسطية معتمداً على علاقته مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ولكن الوسطية رحلت مع شغور الكرسي الاولى وكذلك مع رحيل الحكومة الميقاتية، التي اوصلت علاقته مع السعودية الى الحضيض اثر اقفال الرياض ابوابها في وجهه، ولا يستبعد المراقبون ان يصل جنبلاط مرغماً الى الانزواء في نهاية المطاف، وما تغريدته التي قال فيها «في الموعد المناسب سأستقيل من النيابة الا اذا كان مطلوباً اجراء مراسم دفني» الا دليل على ذلك.

وتشير الاوساط الى ان سيد المختارة الذي يحاول التمهيد لمستقبل نجله تيمور السياسي يبدو انه اصيب «بنقزة» فلم يعد مستعجلاً على التوريث، كون هناك من ينتظر هذه الخطوة وبجدية اكثر، فالنائب سليمان فرنجية قد يبادر الى الاستقالة اذا فعلها جنبلاط لتوريث نجله طوني المقعد النيابي، وربما سمع جنبلاط من رئيس مجلس النواب نبيه بري نصيحة دفعته الى فرملة استعجاله على نقل ارثه السياسي كي لا تكون خطوته في الفراغ القاتل، وما عليه الا الانتظار في مرحلة وضعت المجريات الاقليمية والدولية البلد بكامله في غرفة الانتظار.

وتقول الاوساط ان الزعيم الاتشراكي يشعر في اعماقه بالافلاس السياسي لا سيما وان معظم رهاناته سقطت، فرهانه على السباحة في بحر الأكثرية بدلاً من تحالف الاقليات مستحيل كون بحر الاكثرية يبتلع السباحين مهما اتقنوا فن ركوب الامواج، وما حصل للبلدات الدرزية في جبل السماق دليل على ذلك، والحوار مع التنظيمات الآتية من اعماق التاريخ يعتبر كفراً في معاجمها كون المطلوب المبايعة والطاعة، وربما ما آلت اليه الامور دفعت جنبلاط الى الانتفاض لينبش التاريخ واصفاً الحلم العربي بـ «الحلم الذي يتحطم اليوم إرباً إرباً بين الروم والعجم واليهود» وان دل موقفه على شيء فعلى حقده على الجميع مستبدلاً الصليبية بالروم، والتفريس بالعجم، والصهاينة باليهود، فهل ينزوي جنبلاط في «النورماندي» كما كان يحلم ام لا يزال يطمح الى العمل كـ«زبال في نيويورك»؟ المشكلة لدى جنبلاط ان كل خياراته قد اسقطت.