مع إستمرار إعلان الترشيحات من جهة والتسريبات عن نواة اللوائح الإنتخابية المُرتقبة من جهة أخرى، تتجه الأنظار إلى دائرة «الشوف – عاليه» لمعرفة ما إذا كان رئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي» النائب وليد جنبلاط سيتمكّن من إبقاء «الكلمة النهائية» له في هذه الدائرة التي تضمّ للمُفارقة 7 مقاعد مسيحيّة بينها 5 للموارنة و1 كاثوليكي، و1 أورثوذكسي، بموازاة 4 مقاعد للدروز فقط، إضافة إلى مقعدين للسنّة، بمجموع 13 مقعدًا، أم أنّ الأحزاب المسيحيّة ستخرج من «عقدة النقص» في هذه الدائرة، إلى تحالف من الندّ للندّ أم حتى إلى مُواجهة إنتخابيّة ديموقراطية؟
أوساط سياسيّة مُطلعة أشارت إلى أنّ حزب «القوّات اللبنانيّة» أبلغ «الحزب التقدمي الإشتراكي» أنّ حجمه التمثيلي في دائرة «الشوف وعاليه» الكبيرة والتي تضمّ نحو 170 بلدة وقرية، وفيها 131 مجلس بلدي، إضافة إلى مئات المخاتير، يسمح بأن يُرشّح شخصيّة عن كل قضاء لتكون حصّته نائبين من أصل سبعة نوّاب مسيحيّين. وأضافت أنّ حزب «القوات» يرغب بالتحالف مع «الإشتراكي» ومع «المُستقبل»، بشرط أن يكون مُرشّحاه النائب جورج عدوان عن الشوف والمهندس أنيس نصّار عن عاليه، ومع التذكير أنّ عدوان كان نال 49,6% من أصوات المُقترعين الموارنة في قضاء الشوف في إنتخابات العام 2009، بينما حاز النائب السابق ماريو عون الذي حقّق أعلى رقم على اللائحة التي كانت مدعومة من «التيار الوطني الحُرّ» آنذاك، 45% من أصوات الموارنة. وأضافت الأوساط أنّ جنبلاط الذي يُفاوض على اللائحة من موقع قوّة، كونه كان قد نال في إنتخابات العام 2009 الأخيرة، ما مجموعه 62450 صوتًا عن دائرة الشوف وحدها، مع بروز تأييد أغلبيّة ساحقة من الدُروز له، يرفض حتى الساعة منح «القوّات» مقعدين، ويضغط لأن تقبل بمرشّح واحد فقط ضُمن اللائحة، بحجّة ضرورة تمثيل أكبر عدد مُمكن من الأحزاب والشخصيّات المسيحيّة في «الجبل»، ولرفع فرص الفوز بأكبر عدد مُمكن من المقاعد.
إشارة إلى أنّ «الإشتراكي» قرّر ترشيح تيمور جنبلاط بدلاً من والده وليد، والإبقاء على ترشيح النائب مروان حمادة في الشوف، وكذلك الإبقاء على ترشيح النائب أكرم شهيّب في عاليه مع توجّه لترك المقعد الدرزي الرابع شاغرًا، بهدف تركيز «الصوت التفضيلي» عليه وضمان فوزه من جهة، وبهدف ترك المقعد الرابع لصالح النائب طلال أرسلان، ولوّ أنّ الأخير سيكون ضُمن لائحة أخرى مُنافسة. ومن بين المقعدين السنّيين في الشوف، يريد جنبلاط الإحتفاظ بمقعد واحد لصالح الدكتور بلال عبد الله بدلاً من النائب علاء الدين ترّو، على أن يترك المقعد السنّي لصالح «تيّار المُستقبل» في حال وافق على أن يكون ضُمن اللائحة نفسها. وبالنسبة إلى المقاعد المسيحيّة في دائرة «الشوف – عاليه» يرغب جنبلاط بالإبقاء على كل من النائب نعمة طعمه عن مقعد الروم الكاثوليك، والنائب هنري حلو عن أحد المقاعد المارونيّة، مع ضمّ المُحامي ناجي البستاني إلى اللائحة . ويرغب جنبلاط بمقعد ماروني آخر كان يشغله النائب فؤاد السعد لكن في ظلّ إحتمال إستبدال النائب سعد بترشيح إبن شقيقه السيد راجي نجيب السعد.
ولفتت الأوساط السياسيّة المُطلعة إلى تطلع جنبلاط لكسب ثلاثة مقاعد من أصل أربعة درزيّة، وبقعد سنّي من أصل إثنين، وبأربعة مقاعد مسيحيّة من أصل سبعة، جعل من المُستحيل حُصول الإئتلاف السياسي الواسع الذي كان يُروّج له جنبلاط نفسه، وأكّد حتميّة حُصول معركة إنتخابية قاسية بين أكثر من لائحة. وأضافت الأوساط أنّه إضافة إلى إصرار «القوّات» على التمثّل بمرشّحين في دائرة «الشوف عاليه»، يرغب حزب «الكتائب اللبنانيّة» بالدفاع عن مقعد نائبه فادي الهبر في عاليه، ويرغب حزب «الوطنيّين الأحرار» في الدفاع عن مقعد النائب دوري شمعون في الشوف، بينما يُخطّط «التيار الوطني الحُرّ» لأنّ يُرشّح ثلاث شخصيّات مسيحيّة، إضافة إلى شخصيّات من طوائف أخرى، ضُمن لائحة أساسيّة مُنافسة للائحة المدعومة من جنبلاط. وتابعت الأوساط نفسها أنّ «التيّار» حسم ترشيح الوزير سيزار أبو خليل عن عاليه، وبالنسبة إلى الشوف يتجه لتبنّي ترشيح كل من الوزير السابق ماريو عون الذي كان نال 22895 عن قضاء الشوف وحده في العام 2009،ومرشح آخر من التيار. وفي حال وقعت المعركة الإنتخابيّة لا محالة، فإنّ «التيّار» سيتجه أيضًا إلى ترشيح الوزير طارق الخطيب عن أحد المقعدين السنّيين وشخصية درزية عن أحد المقاعد الدروز، إضافة إلى دعم ترشيح النائب طلال أرسلان في عاليه، علمًا أنّ أرسلان كان نال في إنتخابات العام 2009 ما مجموعه 11496 صوتًا درزيًا في عاليه، وهو يرفض بالتالي أن يكون مقعده الدرزي منّة من أحد، ويطمح لإيصال نائبه في الحزب الديمقراطي اللبناني النائب السابق مروان فاضل إلى البرلمان عبر ترشيحه للمقعد الأرثوذكسي في عاليه.
وتابعت الأوساط السياسيّة كلامها بالقول إنّ رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهّاب الذي هو حتمًا خارج لائحة جنبلاط، يستعد من جهته لخوض المعركة ضمن لائحة ثالثة، في ظلّ تحالفات مفتوحة على كلّ الإحتمالات، حتى مع قوى في المقلب الآخر سياسيًا في حال وافقت هذه الأخيرة على هذا الأمر، وذلك في حال عدم ضمّه إلى اللائحة المدعومة من «التيار البُرتقالي»، ومُحاولة عزله من قبل كل من جنبلاط وأرسلان.
وأشارت الأوساط السياسيّة إلى أنّه بحسب أحدث الإحصاءات، يبلغ عدد الناخبين الدُروز في دائرة «الشوف عاليه» 131929 ناخبًا (40,55% من إجمالي الناخبين)، ويبلغ عدد الناخبين المسيحيّين من كل المذاهب 122825ناخبًا (37,75 %)، ويبلغ عدد الناخبين السُنّة 60738 ناخبًا (18,67%)، ويبلغ عدد الناخبين الشيعة 8444 (2,6 %). وبالتالي يبلغ العدد الإجمالي لكل الناخبين من مُختلف الطوائف والمذاهب نحو 325 ألف ناخب، ومن المتوقّع أن يكون الحاصل الإنتخابي المطلوب للفوز بمقعد واحد على الأقل بحدود 13000 صوت تقريبًا، في حال تخطّت نسبة التصويت الخمسين بالمئة بقليل – كما حصل في دورة العام 2009. وهذا يعني أنّ قُدرة خرق لائحة النائب جنبلاط مُتاحة لأكثر من طرف من خارجها، والمعركة هي على عدد المقاعد النيابيّة التي ستخرج من تحت عباءة «الزعيم الدرزي». وختمت أنّه في السابق كان يمنح جنبلاط 5 مقاعد من 13 في الشوف وعاليه لكل من «المستقبل» و«القوات» و«الكتائب» و«الأحرار» و«الديمقراطي اللبناني»، مُحتفظًا بثمانية مقاعد لصالحه بشكل مُباشر، فهل سينجح في ذلك في ظلّ القانون النسبي؟