IMLebanon

جنبلاط يرفض ضرب تسوية تنظيم الخلاف مع حزب الله

 

ليس بسرّ أنّ الإدارة الأميركيّة برئاسة دونالد ترامب قرّرت تصعيد المُواجهة السياسية والإعلاميّة مع إيران، وتلك العملانية والميدانية مع القوى المُتحالفة والمدعومة من طهران، وفي طليعتها «حزب الله». والأمر نفسه ينطبق على المملكة العربيّة السعودية التي تخوض معركة النفوذ الإقليمي مع إيران منذ سنوات طويلة، والتي قرّرت بدورها أخيرًا تصعيد المُواجهة المُباشرة مع «حزب الله». وإذا كان لبنان قادرًا إلى حدّ ما على السير بين ألغام العُقوبات الأميركيّة المالية والإقتصاديّة على «الحزب»، فإنّ السؤال الذي شغل الأوساط السياسيّة في الأيّام القليلة الماضية يتمثّل في كيفيّة تصرّف رئيس الحُكومة سعد الحريري في ظلّ القرار السُعودي تصعيد مُواجهة الرياض المُباشرة مع «حزب الله»، وتوقّعها من القوى الحليفة لها في لبنان مُؤازرتها؟

بحسب أوساط سياسيّة مُطلعة إنّ رئيس الحكومة شرح للمسؤولين السعوديّين الذين إلتقاهم في الساعات الماضية، ولا سيّما منهم وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي يُمسك شخصيًا بالملفّ اللبناني، ووزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان الذي كانت له أخيرًا سلسلة من التغريدات الناريّة، أنّ هامش مُناوراته ضُد «حزب الله» محدود، حيث لا مجال لإخراج وزراء «الحزب» من الحُكومة، مُذكّرًا بأنّ «حزب الله» يُشارك في الحُكم بشكل فعّال ومُتواصل وبدون أي إنقطاع منذ العام 2005 حتى اليوم، وبأنّه عندما كانت الحُكومة كلّها بيد قوى «14 آذار»، وما أن إستقال وزراء «الثنائي الشيعي» منها في 11 تشرين الثاني 2006 حتى شُلّ عملها كليًا، وجرى التشكيك بميثاقيّتها وحتى بشرعيتها، ما أغرق لبنان بتظاهرات إعتراضيّة وبفوضى كبيرة إستمرّت لسنوات. وأضافت الأوساط نفسها أنّ الحريري أبلغ المسؤولين السُعوديّين أنّ خيار تقديم إستقالته لا يُؤمّن النتيجة المرجوّة منه على الإطلاق، بل سيُسفر عن إرتدادات سلبيّة أكثر، لأنّ تحوّل حُكومته إلى حُكومة تصريف أعمال سيُفقده سُلطته التنفيذيّة التي تحول دون دفع لبنان نحو محور مُغاير لما هو فيه حاليًا، وسيضعف موقعه وموقع «تيّار المُستقبل» عشيّة الإنتخابات النيابيّة، من دون أن يُسفر عن أيّ ضغط يُذكر على «حزب الله»! وتابعت الأوساط أنّ الحريري شرح لمُستقبليه السعوديّين أنّ تصعيد المُواجهة السياسيّة والإعلاميّة من قبله ضُدّ «حزب الله» سيدفع هذا الأخير إلى التشدّد أكثر، وأنّ سياسة تدوير الزوايا تبقى الأفضل للحفاظ على لبنان وعلى إستقراره، وللنأي به عن المشاريع الإقليميّة المشبوهة.

وكشفت الأوساط السياسيّة المُطلعة أنّ رئيس الحكومة أكّد للمسؤولين السعوديّين الذين إلتقاهم بأنّه وعلى الرغم من ليونته الظاهرة، يرفض رفضًا قاطعًا تقديم أي تنازلات إضافيّة، خارج تلك التي قدّمها لإنجاح التسوية التي حصلت في العام الماضي، وأفضت إلى إنتخاب رئيس جديد للجُمهورية وإلى تشكيل حكومة موسّعة برئاسته وإلى إنطلاق عجلة الدولة على مُختلف الصُعد، بعد حال من الشلل لمدّة زمنيّة بلغت نحو عامين ونصف العام. وفي المعلومات المُسرّبة عن إجتماعات الرياض أنّ الحريري شدّد على أنّه سيُواجه بحزم أيّ مُحاولات لدفع لبنان نحو التطبيع مع النظام السوري، وأي مُحاولات لإخراج لبنان من موقعه الرسمي إلى جانب الدُول العربيّة والخليجيّة. وبحسب هذه المعلومات أيضًا، فإنّ رئيس الحُكومة أكّد أنّ تمسّكه بالإستقرار الداخلي وبالتسوية التي حصلت، وكذلك بالأمن الإقتصادي الإجتماعي للبنانيّين، لا يعني أنّه سيسكت على أي تجاوز مُستقبلي لسُلطاته، أو على أيّ مُحاولات لجرّ لبنان إلى مواقف أو إلى تحالفات لا إجماع عليها أو تتعارض مع إنتمائه العربي، حيث أنّه سيرفع وتيرة إعتراضاته على أيّ خرق لأسس التسوية. وعُلم أيضًا أنّ الحريري أكّد أنّ المُواجهة الأفضل تتمثّل في الإنكباب على تحضير اللوائح الإنتخابيّة الكفيلة بإحتفاظ «المُستقبل» والقوى الحليفة له على أغلبيّة عدديّة في مجلس النواب، لمنع نقل لبنان من موقع لآخر.

وتوقّعت الأوساط السياسيّة المُطّلعة نفسها أنّ يُؤدّي التصعيد المُرتقب للتدابير الإقليميّة والدَولية ضُدّ «حزب الله» تلقائيًا إلى تصعيد مُتبادل في المواقف، ما سيحدّ أكثر فأكثر من قُدرة رئيس الحكومة على السير بين الألغام السياسيّة المُتكاثرة، خاصة وأنّه يقع بين فكّي كمّاشة الحفاظ على الإستقرار الداخلي في لبنان من جهة، ومُلاقاة الضُغوط الخارجية والسعوديّة على «حزب الله» من جهة أخرى. وتوقّفت الأوساط عند مُسارعة رئيس «الحزب التقدّمي الإشتراكي» النائب وليد جنبلاط إلى إبلاغ قيادة «تيّار المُستقبل» بأنّه مُصرّ على التمسّك بما جرى التوافق عليه مع «حزب الله» لجهة «تنظيم الخلافات» أكان بالنسبة إلى النظام السوري أو الوضع الداخلي، إلخ. وأنّه يُحذّر من مغبّة الإنزلاق في تبنّي أيّ خطط مُواجهة بأبعاد إقليميّة، أو في تطبيقها في لبنان. وأبلغ جنبلاط قيادة المُستقبل بأنّ المطلوب تقريب وجهات النظر والسعي بجهد لحوار إيراني – سعودي لحلّ المشاكل المُتفاقمة، بدلاً من الإنخراط في أيّ إجراءات من شأنها زيادة التشرذم والإنقسامات القائمة.