IMLebanon

جنبلاط يرفض التسليح: سأعالج حادثة إدلب.. إقليمياً

نقاش في «المجلس المذهبي» بشأن القتال في سوريا

حاول وليد جنبلاط، أمس، إمساك العصا من الوسط في موضوع مجزرة «قلب لوزة» في سوريا.

لا يُحسد جنبلاط على وضعه اليوم. هو كبالع الموسى. حتى منتقدي موقفه داخل الطائفة لا يشككون بإخلاصه لها، لكنه، في موقفه الذي خرج به بعد الاجتماع الطارئ للمجلس المذهبي الدرزي، احتفظ بعداوته للرئيس السوري بشار الأسد، وقابل بين مجزرة ادلب، و «إساءة النظام السوري الى شعبه عبر قتل 350 الف انسان وتهجير 7 ملايين شخص.. وهو يقتل 200 الى 250 شخصاً يومياً».

وكان كافياً للزعيم الدرزي الإقرار بإجرام منفذي «حادثة» ادلب ووصف ضحاياها بالشهداء، من ناحية، في الوقت الذي دعا فيه الى التعقل بوجه مرتكبي المجزرة، من ناحية أخرى.

الأمر لم يكن سهلاً عليه كما على الجمهور المقابل. كيف لجنبلاط مهادنة القاتل ونفي نية الإعدام الجماعي عنه مع استشهاد بين 20 و30 درزياً في ادلب على يد «جبهة النصرة» في ما وصفه جنبلاط بـ «الحادث الفردي»؟ حتى ان سؤالاً مباشراً توجه الى جنبلاط تعليقاً على دعوته الى التعاون مع غالبية الشعب السوري من الطائفة السنية: هل انت مع «النصرة» اذاً؟ فكانت إجابة سريعة من جنبلاط: الدروز ليسوا مع «النصرة» بل مع الشعب.. إجابة لم تشف غليل الحاضرين، خاصة مع تأكيد جنبلاط على ان «النصرة» هي نتيجة لسياسة النظام السوري ضد شعبه.

أما عن كيفية مواجهة الخطر الوجودي على الدروز. فإن إجابة جنبلاط جاءت باقتضاب «سأعالج ما حدث سلمياً على طريقتي عبر اتصالات اقليمية ودولية». وهو ردّ بطريقة غير مباشرة على دعوة رئيس «حزب التوحيد اللبناني» وئام وهّاب الدروز الى التسلح، مشيرا الى انه يحترم الداعين الى ذلك، الا انه يرفض «الهيجان الذي لن يؤدي الا الى توتير الاجواء ونحن مع الاستقرار، ولنعالج الامور بهدوء»، لافتا النظر الى «ان المعالجة السياسية تستوجب الاتصال بالقوى الاقليمية»، داعيا الى «ان نرى الصورة الكبرى كي لا نقع في فخ الصغرى».

في رؤيته العامة للحدث السوري، يبدو ان جنبلاط مستمر في رهانه على سقوط الأسد، وقال إن «العد العكسي بدأ، والنظام يتراجع، وسبق ان طالبت بالحل السياسي في سوريا، وهذا الحل غير ممكن بوجود بشار الاسد». لا بل إنه ذهب الى أن «النظامين السوري والصهيوني يتلاقيان بمشروع التفتيت»، لكنه شجب المخطط الإسرائيلي المغازل للدروز.

وعن مستقبل الدروز جنوب سوريا، فإن جنبلاط «مع المصالحة وعقد الراية والتآلف مع اهل حوران، لان النظام يأخذ سوريا الى الدمار الشامل والتفتيت».

على الصعيد اللبناني، اشار الى ان «الامر الهام هو الحفاظ على الاستقرار في لبنان، والتمسك بدعم الشرعية والدولة والجيش، ونحن نخوض معركة دفاع عن لبنان والاستقرار فيه».

وعلم ان موقف جنبلاط، وان كان المجلس قد سار به، الا ان رأيا طرح داخل المجلس، وتم التداول به منذ امس الاول، مفاده ان الدروز لا يمكن لهم الدعوة الى التهدئة من دون امتلاك عناصر القوة، أي السلاح، والا اعتبر الامر استسلاما للآخرين. وبينما تردد ان البعض طرح النأي بالنفس في سوريا بالنسبة الى الطائفة، فإن رأيا آخر شدد على ان النأي بالنفس ينبغي ان يكون مزدوجا، تجاه النظام السوري ومناوئيه.

وكان جنبلاط واضحا مع الجميع في المجلس، أمس، بأن «لا طاقة لنا على معاداة الآخرين الأكثر منا عددا، وعلى الدروز عدم الانجرار الى المعركة مع الجماعات المسلحة».

لكن، في المقابل، أكدت مصادر مواكبة للواقع الدرزي اللبناني، ان الدعم التسليحي للسويداء بدأ من قبل محور المقاومة في سوريا ولبنان، وتم اتخاذ قرار استراتيجي بدعم أبناء السويداء بـ «الوجهة التي يريدونها». واعتبرت ان جنبلاط ليس بإمكانه توفير الضمانات للدروز في سوريا ولبنان كونه لا يملك أي تأثير على التكفيريين في سوريا، ومنهم «جبهة النصرة».

وعلى الصعيد اللبناني، اشارت تلك المصادر الى ان الالتفاف الوطني الكبير حول الدروز واستنكار المجزرة، اشاعا جوا من الارتياح لدى أبناء الطائفة. لكنها اشارت الى ان توجه بعض القيادات لمخاطبة موقف المعارضة السورية لا يعني شيئا كون تلك المعارضة لم تعد تمثل شيئا يذكر على الأرض.

حسن: إسرائيل المستفيد الأول

وبالعودة الى اجتماع المجلس، جاءت كلمة شيخ عقل الطائفة الشيخ نعيم حسن، اثر اختتام جنبلاط لكلمته، هادئة، وداعية الى تجنب الفتنة، مع التذكير أيضا بالمخطط الإسرائيلي التفتيتي. وهو استنكر ما حدث «لإخواننا الأعزّاء الشّرفاء في قلب لوزة وما وقعَ بهم من إعمال القتل، واستسهال سفك الدِّماء، واستباحة حرمة وجودهم لأسباب لا نجد لها مسوِّغاً على الاطلاق». وقال «إنّنا نقف بصمتٍ وألم وتعاطُف ومشاركة مع أهلنا هناك، مترحّمين على الشهداء الأبرار، ومتكاتفين مع كلّ أهلنا في الشمال السوري، ضاغطين بقبضاتنا الصلبة على الجرح لوقف النزيف».

وأشار الى «اننا نجتمعُ لنُطلقَ صوتاً جامعاً موحَّداً متضامناً مع قيادةٍ حكيمةٍ رزينةٍ واعيةٍ، نُطلق الصَّوتَ الّذي تُمليه علينا قِيمُنا وأخلاقُنا وشِيمُنا الإيمانيَّة الإسلاميَّة، وهو دعوةٌ للوقوفِ عند حُدود ما هو حقٌّ في الشَّرع، وما هو عدْلٌ، وما هو كرامةٌ إنسانيَّة».

واعلن «اننا مطمئنون الى ان إخواننا في سوريا لن يتخلّوا عن رفع راية الوحدة السورية، ولواء الأخوّة والمصالحة مع أبناء وطنهم وجيرانهم في كل سوريا». ودعا «كلّ القوى السورية الفاعلة الى تحمّل المسؤوليات التاريخية في حفظ وحدة الشعب السوري وحماية النسيج الاجتماعي، وبالتالي الارتقاء الفعلي الى مستوى المحافظة على روح القيم والمبادئ المرتبطة بحقوق الناس في الكرامة والحرية والعدالة».

وشدد على «قطع جميع السبل على إسرائيل التي تبقى المستفيد الأول من تفتيت المنطقة وتحويلها الى كيانات مذهبية متنازعة».

واعلن «اننا في هذه اللحظة الحرجة ما زلنا نؤمن بأن للسياسة الحكيمة دوراً له اصداؤه عند كل الشرفاء، لذلك ما زلنا ندعم كل مسعى في هذا الاتجاه. وأريدُ أن نتنبَّه جميعاً إلى ضرورةِ أن نسعى بجهدٍ وإخلاصٍ إلى جمعِ الكلمة، وائتلاف الموقف، والابتعاد عن مظاهر التشتّت أو التفرُّد في كلّ ما يمسّ الموقف العام من الظروف المصيريَّة التي تهدِّدنا والتي يعرفها الجميع. إنَّ الاجتماعَ على موقفٍ متراصّ موحَّد هو بابٌ إلى التوفيق».

اعتصام ومذكرة

وكانت «المعارضة» الدرزية، تلك المنتمية الى «حزب التوحيد»، أصرّت على إيصال صوتها الى المجتمعين عبر اعتصام سلمي خارج المجلس، انتهى بتسليم حسن مذكرة طالبت المجتمعين بالرد على العدوان. وجاء في المذكرة ان «مطلبنا ليس دعوة إلى الحرب، بل دعوة إلى الدفاع. ونرجو أن تأخذوا العلم أن التاريخ لا يرحم. من سالم هؤلاء مصيره الموت بعد حين، ومن هرب من هؤلاء مصيره انتهاء حضارته وقيمه، ومن حارب هؤلاء التكفيريين دفاعاً عن أرضه وعرضه ومسلكه ووجوده، عاش حراً أو مات شهيداً كريما».

وتم ذلك بطريقة متفق عليها امام الاجتماع الطارئ للمجلس الذي لم يتعد نصف الساعة.. وبعد انتهاء حسن من كلمته أقام المشايخ الصلاة على شهداء قلب لوزة.

ارسلان: المعركة تتطلب اتحاداً مع المقاومة

أعلن رئيس الحزب «الديموقراطي اللبناني» النائب طلال ارسلان، في مؤتمر صحافي في عاليه، أن مجزرة قرية قلب لوزة «شكل من أشكال الإرهاب»، مشيراً إلى أن «الدروز ليس لديهم أي مشكلة مع المحيط، وأرفض رفضاً قاطعاً تحميلهم أي صبغة مذهبية من منطلق مقاومتهم في سوريا أو موقفهم في لبنان أو الجولان». وقال: «الموقف الدرزي هو موقف وطني قومي بامتياز وليس موقفاً مذهبياً على الإطلاق».

وأكد ارسلان أن «أي تحريض له خلفية مذهبية أو طائفية هو تحريض لسفك دماء الدروز والمسلمين كافة»، لافتاً إلى أن «معنويات واستعدادات أهل الجبل أكبر من المتوقع، وبوصلة الدروز الوحيدة موجهة ضد الإرهاب التكفيري فقط، ونحن لم نطلب السلاح أو الدفاع عنا يوماً بل نعيش بكرامتنا ونموت بكرامتنا من شواطئ خلدة وصولاً الى الجولان». ودعا الى «التعالي عن المصالح الذاتية لان المعركة تتطلب تضامناً واتحاداً مع المقاومة والجيش»، مطالباً بتوحيد «فصائلنا وتوطيد التنسيق، كما فعلت المقاومة بالتنسيق مع الجيش اللبناني لحماية الوطن».

الحاج حسن: «أحد الزملاء» جنرال مع التكفيريين؟

استنكر وزير الصناعة حسين الحاج حسن «وجود من يدافع عن التكفيريين في الإعلام والسياسة وفي المنتديات والمجتمعات في لبنان، فيما المجاهدون لا يزالون يقاتلون في الجرود دفاعًا عن لبنان وعن اللبنانيين».

وأضاف، في احتفال في حي السلّم امس، «إننا عندما نسمع بعضهم يتحدث عن جيش الفتح، ومنهم أحد الزملاء، ظنناه وهو يبشّر بانتصارات جيش الفتح القادم الى الحدود اللبنانية أنّه جنرال فيه». وتابع: «قلنا ونقول له، جيش الفتح هذا هُزم في القلمون، وهزمته قوافل شهدائنا، هزمه رجالنا ومجاهدونا، وأحلامك ستتبدد مع جيش الفتح الذي ستتبدد مشاريعه على مساحة لبنان وسوريا».

واعتبر الحاج حسن ان «الأمر المحزن والمبكي هو أن ينبري بعض اللبنانيين ليتبنوا مشاريع التكفيريين»، معتبرا ان «جيش الفتح المزعوم هو بالواقع جبهة النصرة الإرهابية، أُلصق بها بعض التنظيمات، وأٌجريَت لها بعض عمليات التجميل ليخرجوها تحت هذا المسمّى». وقال: «هم بلا أدنى شك تكفيريون، إرهابيون، قتلة، مجرمون، هؤلاء أرسلوا السيارات المفخخة الى اللبنانيين وفجّروها، خطفوا وقتلوا جنودًا من الجيش اللبناني والقوى الأمنية واعتدوا على اللبنانيين، وللأسف هنا في لبنان يهدّدون اللبنانيين بهم وبإنجازاتهم القادمة». واستغرب كيف أنّ «هؤلاء اللبنانيين الذين يدّعون أنهم ضد الإرهاب انقلبوا على أنفسهم وصاروا وفق أسيادهم الذين سبقوهم يتبنّون جيش الفتح بالإعلام والسياسة وبأمانيّهم وأحلامهم البائسة والزائفة».

الحوت: وهّاب يضحي بالدروز

أكد نائب «الجماعة الاسلامية» عماد الحوت أن «وعي الثوار في سوريا وأصالة دروز سوريا وعروبتهم، تمنعهم من تلبية دعوة رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب بالتسلح والانضمام للنظام، لأنهم يدركون بأن وهاب يحاول ان يستثمرهم كي يجعلهم جزءا من وقود المعركة بوجه من يقاتل ضد النظام السوري». وأوضح أن «مشايخ السويداء أعقل من ان يستجيبوا للنظام السوري، ليكونوا الضحية».

وحذر الحوت من «الدور المشبوه الذي يلعبه وهاب، وهو الذي كان على الدوام أحد الناطقين باسم النظام السوري»، مشيرا الى انه «لا مانع لدى وهاب من التضحية بأبناء طائفته، بل وبلبنان حين يهدد بأن من يقاتلنا في ادلب سنقاتله في لبنان». وإذ سأل: «إذا ما كان سيقوم بتوتير الوضع في لبنان لمصلحة نظام الاسد، أمل بـ «وجود وعي وادراك لدى حزب الله لانعكاسات هكذا دعوات على الجميع كي لا يلبي نداءه هذا».