Site icon IMLebanon

وقاحة جنبلاط وحاجات جعجع… النفسية

 

لا شيء يُضاهي وقاحة النائب السابق وليد جنبلاط. كاد أمس، وهو يحاول سرقة الشارع من اللبنانيين، أن يخطف روح جان فالجان من رائعة فيكتور هوغو، «البؤساء». أو، أن يذكّرنا بشخصية البيك في مسرحية «غربة»، لمحمد الماغوط ودريد لحّام، حين يُخَبِّر إقطاعي الضيعة أستاذ المدرسة، عن اعتناقه الاشتراكية وفهمه لها، بأنها الاشتراك في كل شيء: «عزيمة، جوازة، جنازة، مؤامرة… كله كله بشترك فيه».

هذه المرّة، اختار البيك الحقيقي الاشتراك في التظاهر. وهو قبل أيام، استبق القوى السياسيّة كلها بالنزول إلى الشارع، مستشعراً وقوف اللبنانيين على حافة الانفجار. لكنّه، لم يستحِ أمس، عندما كلّف الوزير أكرم شهيّب بقيادة التحرّكات الاشتراكية في الجبل، على أنها تحرّكات شعبية.

 

يشبه جنبلاط، وهو يدعو للتظاهر ضد الفساد والسلطة، صورة كاريكاتورية عن نفسه. يظنّ أنه إن أَكَلَ أَكْلَ الفقراء، مع سفير أجنبي، صار مثلَهم، معدماً، لا يحمل إلا همّ الدفء لعائلته في الشتاء الذي اقترب، في الجبل الذي يئنّ. يظن ذلك ولو شرب النبيذ الفاخر الذي يكاد سعر الزجاجة منه يتجاوز الحد الأدنى للأجور. لكنّ الواقع ليس كذلك. جنبلاط بيك، وشريك بارز في امتصاص خير لبنان، لكنّه الآن يلعب لعبته الأخيرة: يقزّم هزيمته مع من راهن عليهم في الإقليم إلى محاولة السيطرة على كانتون في الجبل رسمه في مخيّلته، وفي تغريدته أمس عن «مناطقنا». لكنّه فوجئ عندما انفجر أمس بوجه مسؤوليه في المناطق، مزاج درزي كفر بنظريّة «البيك يعرف ماذا يفعل»، وبات مقتنعاً بأنه جزء لا يتجزأ من منظومة سفك الدولة والموارد والماضي… والمستقبل.

أمّا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، فوقحٌ أيضاً، لكنّ مرتبك حد الضياع. يريد أن يحرّك الشارع ضد العهد، ويخاف من تحريك العونيين شارعاً مضاداً. يريد أن يستقيل وزراؤه من الحكومة، لكنه يخاف أن لا يأبه للأمر لا الرئيس سعد الحريري ولا الوزير جبران باسيل، وربّما، يخاف أن يستقيل وحده ويتركه جنبلاط في منتصف الطريق. هل فهم أحد ما هو موقف جعجع أمس؟ أو ماذا يريد؟ حتى مسألة حثّ الحريري على الاستقالة، تبدو حاجة نفسية لرئيس القوات أكثر منها حاجة سياسية.

مع جعجع، يكاد الفارق بين السياسي والميليشياوي أن يندثر. عندما تنتهي «القضية»، وتدنو الخسارة الاستراتيجية، كما يحصل مع القوات، يحاول السياسي، التقليدي، الحدّ منها. أما الميليشياوي، التقليدي أيضاً، فينتظر الهزيمة، كاملة، بعد أن يحرق كل بيادقه، وهو يفتّش عن قضية ولو مستعملة.

من ملف : «أقاتل كي أعيش»