لا زالت مواقف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط تلقى ردوداً مضادة من الفريق السياسي المناهض للسياسة الجنبلاطية والمقرّب من العاصمة السورية، في حين كان اللافت أن جنبلاط، الذي غالباً ما يقوم بتدوير الزوايا ربطاً بأي موقف سياسي أقدم عليه، فإنه أكد تمسّكه بما قاله ولن يتراجع عنه، مما يؤكد بأن هناك مرحلة سياسية جديدة سينخرط بها سيد المختارة، أي خروجه عن موقعه الوسطي، وسط معلومات عن تقارب سياسي مع عدد من القوى والأحزاب والشخصيات المستقلة الذين كانوا ضمن فريق الرابع عشر من آذار، وإمكانية تشكيل جبهة سياسية معارضة للسياسات الراهنة دون أن يعني ذلك، ووفق المقرّبين منه، أنه يعارض الحكومة الحريرية المشارك فيها، بل ستقتصر المعارضة على إعادة تصويب الأمور حول مسائل إقتصادية واجتماعية وحياتية، وتحديداً خطة الكهرباء، حيث لا يزال جنبلاط يراها غير مكتملة، وتحتاج إلى مجلس إدارة جديد وتشكيل الهيئة الناظمة لهذا القطاع، وبمعنى آخر، هناك سياسة للتصدي لأي ملفات يشوبها الهدر والفساد.
وبالعودة إلى مواقف زعيم المختارة، وتصعيده السياسي حيال بعض الملفات الداخلية والإقليمية والإستراتيجية، فذلك كان مدخلاً لتجدّد الصراع الدرزي ـ الدرزي، وبشكل غير مسبوق، حيث باتت كل الجبهات مفتوحة بوجهه على صعيد حلفاء دمشق، وتحديداً القيادات الدرزية المنضوية في هذا الحلف، وعلم في هذا الصدد، بأن جنبلاط عاد وجدّد الطلب من وزراء ونواب «اللقاء الديمقراطي»، وقياديي الحزب الإشتراكي بعدم الردّ على هذه الحملات أو الشتائم التي تطاوله، ولا سيما من النائب طلال إرسلان، الذي تؤكد أوساطه بأن الحزب «الديمقراطي اللبناني» لن يسكت على إهانة حلفائه، وعلى كل ما يتصل بالمقاومة، إضافة إلى الحقوق المسلوبة من قبل إسرائيل، وهذه خطوط حمر، وبالتالي، المعركة مع جنبلاط مفتوحة، ولا سكوت أيضاً على أي ملف سياسي ودرزي، معتبرين أن زمن الإستئثار والتحكّم بالساحة الدرزية قد ولّى.
وفي هذا السياق، تقول معلومات موثوقة، بأن اتصالات جرت في الساعات الماضية من قبل قريبين من رئيس الإشتراكي قبل مغادرته لبنان بغية التخفيف من حدّة مواقفه، لكن الذين يتواصلون معه خرجوا بانطباع بأن جنبلاط مشى في كل الطروحات والقوانين الإنتخابية، كذلك، تساهل في موضوع المقعد الدرزي الثالث في الحكومة، بعدما سبق وأن ترك مقعداً شاغراً للنائب طلال إرسلان، إلا أن محاولات تحجيمه واستهدافه لم تتوقف من قبل كل هؤلاء مدعومين من خلفيات داخلية وإقليمية بغية التطاول على المختارة، محاولين تقليص دورها واستهدافها بشتى أنواع الوسائل، وسط عتب على بعض المرجعيات الرسمية التي وقف رئيس الإشتراكي إلى جانبها في استحقاقات إنتخابية وسياسية، إضافة إلى بعض الحلفاء الذين مشوا بالتسوية، متناسين الدعم وحرص جنبلاط على استمرارهم في السياسة وعدم شطبهم وإلغائهم، وهذا ما يدركه الجميع.
ويبقى أخيراً، أن المواقف الجنبلاطية والعالية النبرة، خلّفت تداعيات على أكثر من صعيد، فعلى خط بعض المرجعيات الرئاسية، فكلهم محرجون ولا يمكنهم دعم ومسايرة سيد المختارة، حتى من المحسوبين عليه في السياسة والصداقة لجملة اعتبارات وظروف أملت عليهم الصمت وغيابهم عن التضامن مع رئيس الإشتراكي، في حين أن ما كان يحكى عن التحضير للقاء بين الحزب الإشتراكي وحزب الله، فذلك بات أمراً مستحيلاً دونه صعوبات، لا بل العلاقة بينهما في هذا التوقيت بالذات، شبيهة بمرحلة العام 2008. وفي المقابل، وعلى الخط الدرزي ـ الدرزي، فما تطرّق إليه جنبلاط أشعل الساحة الدرزية ورفع من منسوب الخلاف بين المختارة وخلدة، حيث الإشتباك السياسي بينهما تجاوز كل الحدود.