IMLebanon

جنبلاط ينام على “حرير” التعيينات  

 

 

ملأت ابتسامات وضحكات رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط فضاء دارة كليمنصو، ليل الأحد الفائت. تكفي مراجعة الصور التي التقطت للرجلين بعد انتهاء اللقاء المسائي، لتُقرأ الخلاصة من ملامح وجهيهما.

 

عاد الهدوء إلى البيك بعد مرحلة من التوتر حيث استدعى كل عدّة “الاستنفار” في مواجهة ما اعتبرها “مؤامرات الاستهداف”. وعادت اللعبة إلى قواعدها التقليدية: ما لي… وما لكم، من “كعكة” السلطة، عشية تقاسم “قالب” التعيينات.

 

لم يتردد رئيس الحكومة في ردّ الزيارة للصديق القديم قبل ساعات قليلة من تلقي الوزراء قرصاً مدمّجاً يتضمن السير الذاتية لمرشحي الدفعة الثانية من التعيينات الإدارية، والذي تولّت توزيعه الأمانة العامة لمجلس الوزراء.

 

فعل الاعتراض القواتي فعله، وكسرت المطالبة بالاستعانة بالآلية القانونية، “عين” القوى التي تتعامل مع ملف التعيينات على طريقة الإسقاط بالبراشوت للأسماء المحظية، وإذ بها تتخلى شيئاً عن “فجاجتها” وارتأت الحفاظ على ماء وجه الوزراء، من خلال إبلاغهم قبل أربع وعشرين ساعة بالسير الذاتية للمرشحين كي لا يدخلوا مجلس الوزراء “شهوداً عُمياناً”.

 

أما الآلية القانونية فتنتظر معجزة تؤمّن لها أغلبية نيابية لتحيل الاقتراح المقدّم من النائب جورج عدوان، قانوناً يشرّع عبور الترشيحات ممراً قانونياً إلزامياً يُراد منه تغليب معيار الكفاءة على الاستزلام والانتماء الحزبي.

 

بالانتظار، لا يزال تفاهم الأكثرية الوزارية هو الممر الوحيد الذي يوزّع “امتيازات” وظائف الفئة الأولى أو ما يعادلها، حتى لو “كحّل” بقية الوزراء عيونهم بسير تلخّص انجازات “المرشحين” وهواياتهم الشخصية!

 

على هذا الأساس، يعتقد جنبلاط أنّ تحصين موقعه بتفاهم “نظيف” مع الحريري، سيساعده على عبور تلك المعمودية بأقل الأضرار الممكنة، على اعتبار أنّ خصومه الدروز ينتظرونه على الكوع لمقاسمته هذه المواقع الأساسية على قاعدة “ثلث بثلثين”، بدفع ودعم من قوى الثامن من آذار، وتحديداً “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”.بهذا المنحى، تُفهم “الصورة التكريمية” التي سجّلتها “أجندة” قصر بعبدا ليوم أمس، من خلال “اللفتة المميزة” تجاه رئيس “الحزب الديمقراطي اللبناني” حيث أولم رئيس الجمهورية ميشال عون واللبنانية الأولى ناديا الشامي عون للنائب طلال أرسلان وعقيلته الأميرة زينه أرسلان وأفراد العائلة، في حضور وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وقرينته السيدة شانتال، ووزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب وعقيلته.

 

عملياً، يبدو أنّ الكوتا الدرزية من سلّة التعيينات، مركزة بشكل خاص على موقعين أساسيين: أحد نواب حاكم مصرف لبنان، وقاضي التحقيق العسكري الأول، إلى جانب أعضاء مجالس إدارة في العديد من المؤسسات، منها على سبيل المثال لا الحصر، ايدال، الميدل ايست، مجلس الانماء والإعمار، الكهرباء، المرفأ… أما بقية المواقع المتداولة، فلا يزال شاغلوها ضمن المهل القانونية وإن كان أمامهم أشهر معدودة قبل الاحالة إلى التقاعد.حتى الآن، يشحذ كل فريق سكينه، ويشحن بطاريات الدعم من جانب حلفائه. لن يقبل جنبلاط بالتفريط بأي موقع خدماتي، كما يرفض خصومه تفويت هذه الفرصة من دون مقاسمته وظائف الفئة الأولى التي لا تزال على مسافة من وضعها على مجهر التشريح.

 

ومع ذلك، يؤكد اشتراكيون أنّ الكلام عن حصرية التمثيل في الإدارة العامة بموظفين ذوي لون “جنبلاطي”، مناف للوقائع وللحقيقة، خصوصاً وأنّ التجارب السابقة أثبتت تعددية في التوظيف لم تستثن أحداً. إذ سبق مثلاً لأحد الضباط المقربين من أرسلان أنّ تولى منصب قيادة الشرطة القضائية، كما سبق لرئيس “حزب التوحيد” وئام وهاب أنّ سمى شخصاً مقرباً منه عضواً في مجلس إدارة مجلس الإنماء والإعمار حين كان وزيراً.

 

وبالتالي لا داعي بالنسبة للاشتراكيين لاستخدام مفردات الاحتكار والإلغاء، مع العلم أنّ السلة الدرزية محصورة بموقعين أساسيين، وبالتالي ستواجه “معادلة الثلث” باستحالة التنفيذ، خصوصاً وأنّ جنبلاط مرتاح لتطور العلاقة مع الحريري ويراهن على انحياز الأخير لمصلحته في “المعركة” التي قد تخاض على طاولة مجلس الوزراء حول هذه المواقع.

 

وفي موازاة الحلف المستعاد مع “بيت الوسط”، تحاول المختارة تحييد “حزب الله” عن “الكباش” الدرزي- الدرزي على المواقع الإدارية من خلال العودة إلى منظومة التنسيق والتواصل مع الضاحية الجنوبية. وإذا كان التحييد صعباً، فلا مانع من تقليم “جدار الحصانة” التي يؤمنها “حزب الله” لحلفائه. وما يسري على “الحزب” يسري أيضاً على علاقة “الاشتراكي” مع “التيار الوطني الحر” ولو أنّها لا تزال في بداياتها المتعثّرة، ولم يغص لقاء جبران باسيل- تيمور جنبلاط في عمق ملف التعيينات.

 

هكذا، يتصرف الاشتراكيون على أساس أنّ منصب نيابة حاكم مصرف لبنان ستؤول إلى فادي فليحان الذي سمّاه جنبلاط بالتفاهم مع الحريري ولو أنّ أرسلان ووهاب يضعان هذا الموقع نصب أعينهما، في المقابل تتحدث بعض المعلومات عن رغبة حاكم مصرف لبنان في التمديد لنوابه الأربعة المنتهية ولايتهم تجنّباً للخلافات.

 

إزاء هذه التطورات، يؤكد أرسلانيون أنّ منطق الثلث والربع لا يحاكي الواقع، لأنّ المطلوب هو فقط تكريس الشراكة بعيداً من لغة الأرقام، وفيما يعتبر اشتراكيون أنّ استعادة منطق “العد” يستدعي وضع نتائج الانتخابات النيابية على الطاولة، “ولنوزّع المواقع على أساسها”.