مرة اخرى يخفق النواب في التوافق او التفاهم على قانون جديد للانتخابات النيابية، بعدما كان نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري اعطى انطباعاً في الجلسة السابقة للجان المشتركة ان الامور تنحو ايجاباً بعدما حصر النقاش في مشاريع القوانين المختلطة بين الاكثري والنسبي، ولكن جلسة الأمس لمناقشة المشروعين المقدمين، الأول من كتلة رئىس المجلس نبيه بري، والثاني المشروع الذي تفاهمت عليه كتل حزب القوات اللبنانية وتيار المستقبل والنائب وليد جنبلاط، توّجت بالفشل، وتم الاستنجاد بطاولة الحوار التي يقودها الرئىس نبيه بري، علّ القيادات الرئيسة تنجح حيث فشل النواب، ويتم التفاهم على عرض ثلاثة مشاريع قوانين على الهيئة العامة لمجلس النواب، هي مشروع برّي، ومشروع الاحزاب الثلاثة، والمشروع الذي قدمته حكومة نجيب ميقاتي قبل تقديم استقالتها والقائم على النظام النسبي في 13 دائرة انتخابية، على الرغم من ان حزب التيار الوطني الحرّ، يصرّ على طرح مشروع القانون الارثوذكسي على التصويت في الجلسة العامة، ولم يعرف بعد اذا كان رئىس المجلس نبيه برّي سيوافق على طرحه، بعدما كان نوابه وافقوا عليه سابقاً في لجنة الادارة والعدل، مع نواب حزب الله، ومعارضة تيار المستقبل.
في المعلومات المتداولة بين النواب، ان النائب وليد جنبلاط، هو اكثر القيادات السياسية تفهّماً للاوضاع السياسية المأزومة، والاكثر تخوّفاً من ان يؤدي استمرار الفراغ والشلل في المؤسسات، والانفاق غير المجدي والفساد في الوزارات والادارات، الى انهيار لبنان اقتصادياً ومالياً، يليه في هذا الهمّ، او يشاركه فيه الدكتور سمير جعجع المنفتح على أي حلّ يؤمّن العدالة والحقوق لجميع المكونات الطائفية والمذهبية والسياسية، وينقل عن نواب شاركوا في جلسة الأمس، ان اعلان جنبلاط استعداده لانتخاب العماد ميشال عون رئىساً للجمهورية، اذا كان انتخابه ينقذ لبنان مما يتخبّط به من ازمات، يشكّل نقطة تحوّل اساسية في الوضع السياسي يمكن البناء عليه ايجاباً، اذا ظهر عملياً ان جنبلاط ملتزم بهذا الموقف الى النهاية، وهذا الموقف من كتلة عديد نوابها احد عشر نائباً، من شأنه اذا طرح جدّياً على طاولة الحوار، ان يكون مدخلاً اساسياً لحلّ مشكلة انتخاب رئىس جديد، لأنه يغيّر جميع المعادلات والارقام القائمة، ويضعف الى حد بعيد حظوظ النائب سليمان فرنجية، ويرفع من اسهم العماد عون، يبقى من الأهميّة بمكان الاشارة الى مضمون كلمة النائب في كتلة حزب الله علي فيّاض، بعد انتهاء جلسة اللجان المشتركة امس، التي تضمنت دعوة جميع الكتل «الاسلامية» الى الأخذ في الاعتبار هواجس المسيحيين، في ما يتعلق بقانون الانتخاب، والمبادرة الى التفاهم على قانون انتخابي يريح المسيحيين ويعطيهم القدرة على اختيار نوابهم، بما يريح الساحة السياسية والوطنية، وكأن فيّاض في كلمته هذه، يردّ بها على وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي يرفض رفضاً تاماً، باسمه وضمناً باسم تيار المسقبل، اي صيغة للتنازل عن «حصّته» في النواب المسيحيين.
* * * *
ان الانتخابات البلدية والاختيارية، التي ارتفعت فيها اصوات المستقلّين والناشطين في حقلي الانماء والمجتمع المدني، أمّنت فرصة ذهبية للاحزاب والتيارات والشخصيات السياسية، لاعادة النظر في مواقفها السابقة، والتفكير في المستقبل الآتي، خصوصاً ان الانتخابات النيابية اصبحت على الابواب وسياسة التمديد اصبحت من المحرّمات، والقول ان لا علاقة للانتخابات البلدية بالانتخابات النيابية، هو قول ساذج وخاطىء، واذا كان تأثيره لا يصل الى حدود المائة بالمائة، الا انه سيصل حتماً الى حدود ستكون جد مؤثرة في الانتخابات النيابية، وعلى القيادات المتحاورة في طاولة الحوار، والنواب الذين ستكون لهم ـ من حيث المبدأ ـ الكلمة الاخيرة في مشاريع القوانين، التنبّه الى ان ما حدث في الانتخابات البلدية، وخصوصاً في المدن الكبرى والصغرى، ما هو الا اشارة، ان قوى التغيير استيقظت لاول مرة في لبنان، وسيكون استيقاظها اقوى وافعل في الانتخابات النيابية، قد لا تفعل العجائب، لكنها بالتأكيد ستكون خميرة اساسية في الهدف نحو التغيير الايجابي.