رئيس «التقدمي» يتنقل بين فيينا.. وعرسال!
جنبلاط يحذّر من الأوهام: الحكومة ضرورة للجميع
ترخي فضيحة النفايات بظلالها الثقيلة على النائب وليد جنبلاط الذي يحضر اسمه في هذا الملف بأشكال متفاوتة، تتراوح بين حدي اتهامه بأنه جزء من الازمة، واعتباره شريكا إلزاميا في الحل.
وما بين «انتفاضات» الناعمة وسبلين وضهر البيدر وعين دارة، يشعر جنبلاط بأنه بدأ يدفع من رصيده الشخصي ثمن أزمة النفايات التي عبثت بـ «السكون» المزمن السائد في بيئته، على قاعدة ان «البيك» أدرى بمصالح جمهوره، وبالتالي هو المفوض بحمايتها وفق التكتيكات التي يراها مناسبة.
ولعلها من المرات النادرة التي استطاع فيها جمهور محسوب طائفيا أو سياسيا او مناطقيا على جنبلاط، ان «يتمايز» عنه ويفرض إيقاعه مدفوعا بغريزة البقاء في مواجهة مخاطر «الموت البطيء» الموضب في أكياس النفايات، الى درجة ان المحتجين من أهالي اقليم الخروب استطاعوا عبر حركتهم الاعتراضية إسقاط الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين سعد الحريري ووليد جنبلاط، على اعتماد سبلين مطمرا لنفايات جزء من العاصمة والضواحي.
وأكثر ما يُقلق جنبلاط في هذه الايام، هو ان تؤدي الازمات المتراكمة بروائحها الكريهة الى «اختناق» الاستقرار النسبي الذي يسود الداخل خلافا للفوضى التي تضرب المحيط، قائلا لـ»السفير»: في الماضي، تحول لبنان الى ساحة للصراعات الاقليمية والدولية فيما كان العالم العربي مستقرا، أما اليوم، فان لبنان يحظى باستقرار مقبول بينما المنطقة تعاني من الاضطرابات والحروب.
ويضيف: هذه فرصة ثمينة يجب ان نحميها ونبني عليها، لا ان نستسهل التفريط بها نتيجة حسابات ضيقة او خفة في السلوك، خصوصا ان الرعاية الدولية لهذا الاستقرار تتراجع، وإن تكن لم تتلاش كليا، الامر الذي يتطلب منا بذل جهد ذاتي مضاعف لتحصين المناعة، والتحلي بمزيد من الحكمة والمسؤولية، وليس تفجير أنفسنا بالازمات في عمليات انتحارية عبثية، كما تصرفنا حتى الآن مع ازمة النفايات التي شكلت طريقة التعاطي معها نموذجا لسوء التصرف والتقدير.
وعلى طريقته التي تمزج بين التهكم والجدية، يقول جنبلاط مبتسما: ان البعض يكون واهما إذا ظن ان وزير الخارجية الاميركي جون كيري ووزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف أرفقا الاتفاق النووي بملحق سري حول لبنان، او انهما سهرا الليالي في فيينا للمفاضلة بين هذا الاسم وذاك لرئاسة الجمهورية.
ويبدي جنبلاط اعتقاده بان الاتفاق النووي سيعزز نفوذ طهران في المنطقة، اما رهان اميركا على ان يؤدي الى تغيير في ايران، من الداخل، فهو برسم اصحاب العمر الطويل.
ويلاحظ جنبلاط انه في أوج حرب السنتين وحرب الجبل بقيت هناك مساحة للكلام في ظل صراع كان يتخذ في بُعده الداخلي طابع المواجهة بين اليمين واليسار، او بين مشروعين سياسيين. اما حاليا، فان الاصطفاف المذهبي والطائفي وصل الى درجة غير مسبوقة، ما يجعلنا نتمسك بالحوار بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، برغم انه غير مجد حتى الآن، إذ ان استمراره يظل في كل الحالات افضل من توقفه.
ولأن حكومة الرئيس تمام سلام تمثل آخر صمامات الامان الداخلية، فان جنبلاط يشدد على وجوب التمسك بها، مشيرا الى انها ضرورة للجميع، ومنبها الى ان انهيارها ينطوي على مغامرة متهورة، خصوصا ان الانتخابات الرئاسية لا تزال بعيدة، باعتبار ان التفاهم على رئيس توافقي ليس ممكنا في المدى المنظور.
ويعتبر جنبلاط ان الاستقالة متعذرة أصلا في الشكل، متسائلا: لمن سيقدم سلام استقالته في ظل الشغور الرئاسي.. الى نفسه ام الى الوزراء الـ24؟ وكيف سيتم تأليف حكومة جديدة وسط غياب رئيس الجمهورية المعني بإجراء الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار الرئيس المكلف؟
ويشير جنبلاط الى أهمية ان يتم في الوقت اللبناني الضائع تعزيز التيار الاسلامي المعتدل الذي يشكل الرئيس سعد الحريري أحد ابرز رموزه القيادية، لكنه يلفت الانتباه في الوقت ذاته الى ان الحريري والسعودية معنيان بتحصين هذا التيار والخيار من خلال ترجمة عملية على الارض، متسائلا: اين المستشفى الميداني في عرسال، والمشاريع الحيوية التي وُعدت بها طرابلس ومناطق أخرى في الشمال؟ وماذا عن المستوصفات المعطلة، والمنح المدرسية المجمدة؟ ان هذه مسؤولية تيار «المستقبل» والسعودية، وإلا فعلينا ان ننتظر من شباب الاقليم ومناطق أخرى ان يهتف ضد وليد جنبلاط وسعد الحريري..