تبدي أوساط سياسية مطلعة، قلقها ومخاوفها من الرياح التغييرية التي ستحملها الأيام المقبلة على إيقاع مناخات مؤتمر البحرين، خصوصاً وأن معلومات، مستقاة من قنوات ديبلوماسية تتناول ما جرى في أروقة هذا المؤتمر، بدأت تصل إلى بعض المسؤولين اللبنانيين، ولا سيما تلك التي من المتوقّع أن تترك انعاكاسات سلبية على الساحة المحلية، وذلك على غرار ما كان يحصل في مراحل سابقة على الساحة الفلسطينية، والتي ترتد نتائجها ومفاعيلها على الساحة اللبنانية.
وفي هذا السياق، تشير الأوساط نفسها، إلى أن التصعيد السياسي بين بعض القوى والأطراف السياسية والحزبية المحلية أخذ في الأيام الماضية طريقه إلى الإنحسار لجملة اعتبارات وظروف، بعدما تبين لاحقاً أن الدوافع والأسباب جراء ذلك كانت مرتبطة بما يجري على الصعيد الداخلي.
وكشفت الأوساط ذاتها، أن العناوين السياسية التي تم بحثها في قمة المنامة، وذلك وفق مصادر ديبلوماسية فلسطينية على وجه التحديد نظراً لارتباط هذا المؤتمر بالشأن الفلسطيني، قد شكّلت دافعاً وحافزاً أساسياً لدى المرجعيات الداخلية من أجل تأجيل كل الطروحات التي من شأنها توتير الوضع العام، وخصوصاً على صعيد تجميد الإشتباك السياسي حول التعيينات الإدارية، أو التهدئة بين الحزب التقدمي الإشتراكي وتيار «المستقبل». لكنها وجدت أن التصعيد وارد حول العنوانين المذكورين، وربما بشكل أكثر ضراوة في حال أقدمت بعض الجهات الفاعلة إلى تخصيص حصص في التعيينات لكل من النائب طلال إرسلان أو الوزير السابق وئام وهاب على حساب «الإشتراكي»، الذي يعتبر أن هذا الأمر يخرق الميثاقية الدرزية، ويخربط طبخة التعيينات.
وتؤكد الأوساط نفسها، أن جنبلاط الذي قدم تنازلات لدى تشكيل الحكومة الحالية، وتخلى عن «الدرزي الثالث»، لن يسكت هذه المرة في التعيينات، وستكون هناك خطوات اعتراضية في حينه، خصوصاً وأن تجاوز هذه الميثاقية والتحدّث دوماً بلغة الأقوياء في الطوائف وحقوقهم، يجب أن يسري على الجميع وعدم اختزاله بهذا الطرف أو ذاك.
وفي هذا الإطار، قالت الأوساط أن موقف الحزب التقدمي قد نقله لرئيس الجمهورية ميشال عون الوزيران أكرم شهيب ووائل أبو فاعور، حيث وضعا رئيس الجمهورية في صورة الموقف الجنبلاطي، وبشكل مفصّل لكل المراحل والمفاصل والخطوات التي أقدم عليها سيد المختارة. وكشفت أن الأجواء التي نتجت عن هذه الزيارة لا تشجّع، بحيث تبيّن أن هناك اعتبارات وخصوصية لرئيس الجمهورية لا يمكنه تجاوزها، وبمعنى أوضح أن يكون على مسافة واحدة من الجميع، وبالتالي، فإن رئيس الإشتراكي، وكما يلاحَظ، لا يريد بدوره فتح أي معركة ضد رئاسة الجمهورية، وإن كانت هناك خصومة مع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، الذي يسعى إلى دعم خصوم جنبلاط في السياسة والتعيينات الإدارية.
من هذا المنطلق، فإن تراجع التصعيد السياسي لدوافع إقليمية ومن أجل ترقّب تداعيات مؤتمر البحرين، لا يعني استبعاد عودة المناكفات والخلافات على خلفية التعيينات أو أي عنوان آخر، كما تقول الأوساط، التي لفتت إلى استمرار المحاولات لخلق إشكاليات سياسية وتصفية حسابات ونبش دفاتر قديمة، ربطاً بالإستحقاقات الدستورية المقبلة، وهذا ما ظهرت مؤشراته مؤخراً عبر بعض المحطات والزيارات الخارجية لبعض الأسماء المطروحة للرئاسة.
وفي ضوء ما ستفرزه التعيينات الإدارية من معارك سياسية مرتقبة، توقعت الأوساط نفسها، إعادة تكوين تحالفات سياسية جديدة وفرط تحالفات أخرى كما يجري بين بيت الوسط وكليمنصو، أو بين معراب وميرنا الشالوحي، حيث باتت كل الإحتمالات واردة في هذه المرحلة الإستثنائية على المستويين الداخلي والإقليمي.