IMLebanon

جنبلاط لـ«السفير»: لا مشكلة لدي في انتخاب عون

                     «لا رئيس قبل انتهاء حرب اليمن.. وسوتشي قد تكون ملاذنا»!

جنبلاط لـ«السفير»: لا مشكلة لدي في انتخاب عون

بمعزل عن عواطفه السياسية، يتعامل النائب وليد جنبلاط مع المشهدين الداخلي والخارجي بكثير من الواقعية، متجنباً الادِّعاءات التي لا تتناسب مع القدرات، ومتفادياً الأوهام التي لا تنسجم مع الحقائق.

ليس في جعبة جنبلاط ما يشجع على التفاؤل الرئاسي، وسط الآفاق الخارجية المسدودة، من اليمن الى سوريا. وعليه، فإن سقف طموحاته منخفض في هذه الأيام، ولا يتعدى حدود تحريك المياه الراكدة في مجلسي النواب والوزراء ومعالجة أزمة النفايات وحماية الحد الأدنى من الاستقرار الداخلي.

وكعادته، يراهن الزعيم الدرزي على نبيه بري. لكن الجديد نسبياً أنه يهادن ميشال عون الى حد عدم ممانعة انتخابه رئيساً للجمهورية، و«يغازل» سليمان فرنجية، يجافي فؤاد السنيورة.. ولا يفوته أن يشاغب على «الدب الروسي». هكذا يملأ رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» الوقت السياسي الضائع، ومن حوله «قوة ضاربة» تضم أكرم شهيب ووائل أبو فاعور وغازي العريضي، وابنه تيمور.

يقول جنبلاط لـ «السفير»، في حضور «أركان القيادة»، إن موضوع انتخاب رئيس الجمهورية ليس شأناً محلياً، بل هو ينتظر القرار الخارجي، تماماً كما هي الحال في لبنان منذ الاستقلال وحتى الآن، مع استثناء وحيد يتصل بالرئيس سليمان فرنجية الذي وصل الى قصر بعبدا بعد معركة ديموقراطية، بفارق صوت واحد، مشيراً الى ان انتخاب الرئيس الجديد مؤجل حتى إشعار آخر، في انتظار صفقة اميركية ـ روسية ـ سعودية ـ إيرانية، لم تنضج ظروفها بعد.

ويشير الى ان قطر استطاعت في مؤتمر الدوحة في ربيع العام 2008، وعبر علاقاتها مع سوريا وإيران والسعودية وأميركا في ذلك الحين، ان ترعى تسوية داخلية أفضت الى انتخاب رئيس الجمهورية وإقرار قانون للانتخابات النيابية، مستعيداً كيف «كنا نظل ساهرين في العاصمة القطرية حتى الفجر في «الفندق ـ الهرم» بحثاً عن مخارج، اما اليوم فليس هناك من يستطيع او يريد رعاية تسوية جديدة، في ظل الاصطفاف الإقليمي والدولي الحاد».

ولا يلبث جنبلاط ان يستدرك مبتسماً: ربما نذهب هذه المرة الى «سوتشي» (مقر استجمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على البحر الأسود) ما دام ان روسيا اصبحت رقماً صعباً في المنطقة بعد قرارها بالانخراط عسكرياً في الحرب التي تدور على الأرض السورية.

ويستبعد جنبلاط التوصل الى توافق على اسم الرئيس في لبنان قبل توقف حرب اليمن التي لا يبدو انها ستنتهي قريباً، مستغرباً إصرار البعض، سواء في جلسات الحوار او خارجها، على رفض الخوض في اي ملف، ومنع تحريك ما تبقى من مؤسسات الدولة، قبل انتخاب رئيس الجمهورية، «برغم علم هذا البعض ان مفتاح قصر بعبدا ليس في الداخل».

ويضيف: إذا كنا لا نملك قرار اختيار رئيس الجمهورية، فليس هناك ما يبرر ان نمتنع عن تحمل الحد الأدنى من مسؤولياتنا، ضمن الهامش الممكن، لعبور هذه المرحلة بأقل الخسائر والأضرار، إذ من المعيب ان نقف عاجزين أمام ازمة النفايات والتعطيل الحكومي والشلل النيابي، حتى نكاد نخسر مئات ملايين الدولارات من الهبات والقروض.

ويشير الى ان الرئيس بري يكاد يكون السياسي الوحيد الذي يحاول بكل جهده إن يجد ثقباً أو منفذاً في جدار الأزمة، للمرور من خلاله نحو تسوية موضعية على الأقل تجمع بين الترقيات العسكرية وفق قانون 1979، وتفعيل عمل الحكومة، وإعادة فتح أبواب المجلس على قاعدة تشريع الضرورة، لافتاً الانتباه الى انه في المرة السابقة كدنا نصل الى اتفاق، لو لم يعطله الرئيس السنيورة في اللحظة الأخيرة، وشاكياً من الفراغ الذي يتركه غياب الرئيس سعد الحريري.

وفي موقف لافت للانتباه، يؤكد جنبلاط انه ما من مشكلة او حرج لديه في انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، و «إن كنت أرجح ان انتخابه لن يغير شيئا في عمق الإشكاليات اللبنانية، لأن صلاحيات رئيس الجمهورية، أياً يكن، باتت محدودة، ويكفي انه ملزم بتوقيع المرسوم خلال مهلة محددة بينما يستطيع الوزير ان يضعه في الدرج».

ويتابع: «لكن المسألة الحساسة هنا هي ان الطائفة السنية عموماً لا تقبل بعون، تماماً كما ان الطائفة الشيعية لا تقبل بسمير جعجع».

ويدعو جنبلاط الى استبدال مقولة «الرئيس القوي الذي سبق ان جربناه ولمسنا آثاره المدمرة، بمعادلة الرئيس صاحب الحيثية التمثيلية الشعبية الذي يعبِّر عن طائفته ويكون في الوقت ذاته مقبولا من البيئات الأخرى».

واستناداً الى خلاصاته الأولية من نقاشات طاولة الحوار، يشيد بالنائب فرنجية «العاقل، والواضح، والصريح، والجريء الذي يبوح بما في قلبه من دون لف ولا دوران».

وبالانتقال الى الوضع السوري، يعتبر جنبلاط ان التدخل العسكري الروسي في سوريا يندرج في إطار السعي الى تحقيق الأهداف الآتية: تصحيح التوازن في الميدان، حماية المناطق العلوية، استعادة المناطق التي فقدها الجيش السوري مؤخراً، ومحاربة المقاتلين الشيشان في معركة استباقية ستضع الروس في مواجهة السنّة.

ويتوقع أن يؤدي الانخراط الروسي في الحرب الى المزيد من الدمار والهجرة، مشيراً الى ان روسيا وإيران لا تزالان تتمسكان ببشار الأسد، وفي الأساس لا يمكن الفصل بين العائلة والنظام في سوريا، أما الولايات المتحدة فلا يضيرها ما يجري، خصوصاً أن مصالحها النفطية في المنطقة مضمونة، وهذه هي أولويتها الإستراتيجية، لافتاً الانتباه الى ان واشنطن كانت ولا تزال تمتنع عن تزويد المعارضة المعتدلة بأسلحة نوعية وخصوصاً الأسلحة المضادة للطائرات والدروع.

ولا يعتقد جنبلاط ان المشاركة الروسية في الحرب السورية ستترك انعكاسات مباشرة على الوضع اللبناني، إلا إذا كان البعض يريد ان يربط بين الساحتين، ولكنه لا يخفي خشيته من تدفق جديد للنازحين السوريين من شمال سوريا باتجاه لبنان وتحديداً منطقة الشمال في ضوء توسع رقعة النار بعد انخراط الروس في الميدان.

وعندما يُسأل جنبلاط عما إذا كان ابنه تيمور قد بدأ بالإشراف على «الحزب التقدمي الاشتراكي»، يضحك طويلاً ويقول: «تيمور يمثل الإقطاع، وأنا أمثل الحراك في الحزب».