حرب غزة وما تبعها من اعتداءات “إسرائيلية”، ألغت الحواجز بين السياسيين وقربت المسافة بين الأخصام، فشهدت الساحة مواقف غير متوقعة ولقاءات من خارج السياق الذي كان يحصل قبل ٧ تشرين الأول. النائب السابق وليد جنبلاط هو أحد هؤلاء، فان فتح عنوان التضامن مع الشعب الفلسطيني وحماية الوحدة الوطنية ادى الى حصول تقارب مفاجىء بين جنبلاط وحزب الله، تبعه من حينه تواصل دائم بينهما وخطوط مفتوحة لمتابعة اي تطور، لان جنبلاط متخوف من ان تتوسع الامور نحو الحرب الشاملة .
مواقف جنبلاط من القضية الفلسطينية ومقاومة حزب الله، لاقت تفاعلات إيجابية في بيئة حزب الله، لكن وقع صدمة الانفتاح على المقاومة كان قاسيا على المعارضة، خصوصا ان تكتل “اللقاء الديموقراطي” كان من ضمن الفريق الرافض لوصول مرشح “الثنائي الشيعي”، وكان داعما لمرشح تمايز جنبلاط عن السياسيين بدعمه المطلق للمقاومة وأكثر من ذلك، اعلن الاستنفار في الجبل لمواكبة جبهة الجنوب، بما فيها استقبال النازحين في مناطق الجبل.
المعارضة، ويجري حاليا لدى “الاشتراكي” تأييد التلاقي للحوار بخلاف المعارضة و”القوات” الرافضان لأي حوار بشروط رئيس مجلس النواب.
ما يجري على الساحة الدرزية ليس تكويعة جنبلاطية، كما تقول مصادر “اشتراكية”، فالموقف ثابت من ٧ أكتوبر بعدم تأييد الانخراط في الحرب، ودعم حزب الله في حال وقعت الحرب. وفي شأن الدعوة لتطبيق القرار ١٧٠١، تشير المصادر الى ان الغرض من الموقف “الإشتراكي” حماية لبنان من العدوان الاسرائيلي بالدرجة الأولى. وينظر “الاشتراكي” ان الـ١٧٠١ لم يمت ويمكن احيائه، شرط القيام بترتيبات متوازية على الحدود من الجانبين اللبناني و”الإسرائيلي”.
أولوية جنبلاط اليوم تحصين الساحة الداخلية على مفترق خطر وجودي كبير يفترض إجراء تنازلات معينة، فحرب غزة فرضت معادلات مختلفة تقتضي رص الجبهة الداخلية وتعزيز التفاهمات، وهذا هو الهدف من التقارب الجديد بين المختارة وحزب الله .
يرصد المتابعون لما يصدر عن المختارة مؤازرة للمقاومة في موقفها السياسي والعسكري من الحرب على غزة، فالواضح ان جنبلاط يتماشى مع المتغيرات والرأي العام العربي، وهذا الموقف يسهم في تطوير علاقته مع حزب الله، وقناعة “الاشتراكي” ان ما بعد ٧ تشرين لا يشبه ما قبله من تحولات في لبنان والمنطقة، تفترض التنسيق والتعاون بين كل الأفرقاء .
يتمسك جنبلاط بضرورة تحييد لبنان، مع الالتزام بحق الدفاع عن النفس في مواجهة اي إعتداء “اسرائيلي”.
أصاب جنبلاط عدة أهداف، فهو اولا تمايز عن مواقف القوى السياسية الأخرى، وأعاد شحن علاقته بحزب الله بمقويات الطاقة، متموضعا الى جانبه في الأحداث من دون ان يتماهى مع المواقف الدولية .
حرب غزة أعادت وصل ما انقطع من خطوط تعرضت للتلف بين حزب الله و”الاشتراكي”، فالعلاقة تبدلت بين الطرفين، وثبت ان تحالفهما في “المحن” متين، وان جنبلاط الذي ابتعد عن حزي الله في الملف الرئاسي عاد صديقا الى الضاحية. ووفق مصادر متابعة فان الخطوط مفتوحة بين الطرفين حينما تسمح الظروف وتدعو الحاجة.