برزت جملة معطيات في الساعات الماضية، من شأنها أن تؤدي إلى تحريك وتفعيل الملف الرئاسي، حيث كان للإتصال الهاتفي الذي جرى بين كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أكثر من دلالة تصب في هذا الإتجاه، عطفاً على زيارة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ونجله تيمور، وعضوي «اللقاء الديمقراطي» النائبين مروان حماده، ووائل أبو فاعور، ما يؤشِّر إلى أن هناك أجواء تشي بأن الدول المعنية بالملف اللبناني، بدأت تنطلق من تسوية شاملة لإخراج لبنان مما يتخبّط به من أزمات دستورية واقتصادية، وعليه، أن الإتصال الذي جرى بين ماكرون وبن سلمان، إنما يصبّ في هذه الخانة، وثمة معلومات ومعطيات تشير إلى أن الأيام المقبلة ستشهد حركة فاعلة على صعيد الجهود التي ستبذل لانتخاب الرئيس في وقت ليس ببعيد، إذ هناك من يشير إلى أن الأمور لن تستغرق أكثر من شهرين، إلى حين أن تتبلور عملية التقارب التي حصلت بين الرياض وطهران، ومن ثم عودة القنصليتين والسفارتين السعودية والسورية بين البلدين، إضافة إلى عامل أساسي يتمثل بلقاء مرتقب بين وزيري خارجية السعودية وإيران فيصل بن فرحان وحسين أمير عبد اللهيان، بمعنى أن هذه المؤشرات الإيجابية، سيكون لها وقعها على صعيد الدعم الدولي والإقليمي من خلال تسهيل عملية إنتخاب الرئيس العتيد، وحضّ هذه الدول للمقربين منها في لبنان، بضرورة إزالة كل العوائق والعراقيل، وذلك، يأتي بفعل القلق والمخاوف التي تحيط بالدول المهتمة بلبنان من ارتفاع منسوب الإنهيار على الصعد الإجتماعية والإقتصادية، وعلى هذه الخلفية جرى التواصل بين الرياض وباريس والإتفاق على الإسراع في إيجاد المخارج لإنهاء الشغور الرئاسي.
أما على خط التحرّك الجنبلاطي باتجاه باريس، تشير المعلومات إلى أن ذلك يأتي في سياق ما يقوم به رئيس الحزب التقدمي منذ أن أطلق مبادرة حوارية وسمى بعض المرشحين للرئاسة بدءاً من لقائه الأول مع قيادة «حزب الله»، وصولاً إلى زيارة وفد من «اللقاء الديمقراطي» كافة المرجعيات السياسية والحزبية والكتل النيابية، من خلال عناوين تقضي بانتخاب الرئيس في وقت قريب جداً للخروج من هذا النفق، مما يسهِّل كيفية معالجة الأوضاع الإقتصادية، وما يرسي أيضاً الإستقرار السياسي والإقتصادي، ومن ثم تشكيل حكومة جديدة، والشروع في إصلاحات مالية وفي قطاع الكهرباء، والحوار مع صندوق النقد الدولي، وبالتالي، هذه المسائل كانت أيضاً من صلب لقاء جنبلاط مع مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط باربارا ليف، وعليه، أن زيارته لفرنسا تم تحضيرها مؤخراً مع السفيرة الفرنسية آن غريو، إضافة إلى أصدقاء مقرّبين لرئيس التقدمي في الإيليزيه، وأبرزهم السفير الفرنسي السابق في لبنان إيمانويل بون، والذي هو في الوقت عينه مستشار الرئيس ماكرون، وعلى بيّنة من تفاصيل الوضع اللبناني برمّته، ناهيك إلى أن جنبلاط يشيد دائماً ويدعم كل ما تقوم به فرنسا تجاه لبنان، أمام المواضيع التي سيبحثها، فهي أيضاً تأتي من خلال رؤيته ومقاربته التي تتمثل بضرورة انتخاب رئيس خارج الإصطفافات السياسية لكلا الفريقين، وعلى هذه الخلفية، فإنه اعتبر رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية مرشّح تحدٍّ، والأمر عينه للنائب ميشال معوض، وعليه فإنه يرى في الأسماء التي باتت معروفة وطرحها على المرجعيات السياسية والحزبية والكتل النيابية، صالحة وبإمكانها النهوض بالبلد، الأمر الذي سيتداول به مع من سيلتقيهم في باريس من مسؤولين فرنسيين.
لذا، فإن تفعيل الملف الرئاسي على أعلى المستويات الفرنسية والخليجية، إلى زيارة جنبلاط للعاصمة الفرنسية ولقاءاته مع المسؤولين فيها، فذلك مؤشِّر على أن الإستحقاق الرئاسي بدأ يدخل مرحلة البحث الجدّي والحاسم قبل فوات الأوان، في ظل ما يعانيه البلد من أزمات غير مسبوقة وفي كل المجالات.