لا تزال عمليّات «شدّ الحبال» المُتبادلة بشأن قانون الإنتخابات النيابيّة وفق مبدأ «التصويت النسبي الكامل» مفتوحة على مصراعيها، لا بل أنّها زادت حدّة خلال الأيّام القليلة الماضية. وبحسب المعلومات المتوفّرة إنّ قانون الإنتخاب الجديد سيتضمّن نحو مئة بند ومادة، الأمر الذي يستوجب المزيد من الوقت لكتابته بصيغته النهائيّة والتي تُرضي مختلف الأطراف المعنيّة بالملفّ الإنتخابي، مع كل التفاصيل الدقيقة بشأن أسلوب إحتساب الأصوات، وعمليّات الفرز، وكيفيّة عدم تضارب مجموع «الصوت التفضيلي» مع «الحاصل الإنتخابي» العام، إلى ما هناك من أمور تقنيّة. والعقبات التي عادت لتُطلّ برأسها كثيرة ومنوّعة، وهي تنقسم إلى جزئين: الأوّل مُرتبط بتفاصيل القانون الذي يجري إعداده، والثاني مُرتبط بالمُلحقات التي يُطالب «التيار الوطني الحُرّ» أن تكون على جدول جلسة إقرار القانون.
وفي هذا السياق، إنتقدت أوساط «التيّار الوطني الحُرّ» إستمرار مُطالبة البعض بأن يكون «الصوت التفضيلي» على مُستوى الدائرة الإنتخابيّة بكاملها، بعد أن جرى التوافق على أن يكون «الصوت التفضيلي» على مُستوى القضاء لكن خارج «القيد الطائفي»، مُشيرة إلى أنّ إعتماد «الصوت التفضيلي» على مُستوى الدائرة يعني عمليًا تفريغ هذا «الصوت» من مضمونه تلقائيًا، لأنّ من سيحظى بأعلى نسبة من الأصوات في دائرته، سيكون رابحًا حكمًا بصوت تفضيلي أو من دونه! كما إستغربت أوساط «التيّار» الرفض المُطلق لأي تعديل في المقاعد النيابيّة، وكأنّها «مُنزلة»، علماً أنّه كان يُمكن تصحيح جزء لا بأس به من الخلل على مُستوى توزيع المقاعد من خلال إلغاء بعض هذه المقاعد لصالح إستحداث مقاعد خاصة بالمُغتربين اللبنانيّين من كل الطوائف مثلاً، وشدّدت على ضرورة إنصاف المُغتربين اللبنانيّين عن طريق منحهم حقّ التصويت في الإنتخابات من داخل بلدان الإغتراب، وحتى عن طريق منحهم مجموعة من المقاعد النيابيّة. ونبّهت أوساط «التيّار» من الإنعكاسات السلبيّة لتجاهل مطلب رفع عتبة نجاح أي مُرشّح إلى حدود 40 % من «الحاصل الإنتخابي» ضمن طائفته، وذلك بهدف أن يكون النوّاب الذين سيفوزون مُمثّلين فعليّين لبيئتهم الحاضنة، قبل أن يكونوا مُمثّلين لكامل الشعب اللبناني.
وبالعودة إلى مسألة «الإصلاحات» التي طالب بها «التيّار الوطني الحُر»، عُلم أنّه خلال الإجتماع الأخير الموسّع الذي إستضافه رئيس الحكومة سعد الحريري وحضره كلّ من وزير الخارجية جبران باسيل ونائب رئيس حزب «القوات اللبنانيّة» النائب جورج عدوان، ومدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري، والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب وزير المال علي حسن خليل، والمُعاون السياسي لأمين عام «حزب الله» النائب حسين الخليل، جرى إستهلاك جزء كبير من الوقت في جدل عقيم لا علاقة له بتفاصيل قانون الإنتخابات الجديد.
وبحسب مصادر سياسيّة مُطلعة على ما دار في الإجتماع المذكور، فإنّ الوزير علي حسن خليل، رفض – وبتعليمات مباشرة من رئيس مجلس النواب نبيه برّي ـ كما فُهم، إرفاق التوافق على تفاصيل قانون الإنتخابات الجديد بأي تعهّدات إصلاحيّة مُرتبطة بتعديل بعض مواد الدُستور، أو بإضافة بعض البنود إليه، مُعتبراً أنّ هذا الأمر يستوجب عقد جلسات حواريّة مُنفصلة تمامًا عن جلسات مُناقشة القانون، حيث لا ترابط بين المسألتين، إضافة إلى تحذيره من أنّ من شأن فتح باب التعديلات والإصلاحات وما شابه، الدخول في نفق طويل لا يُمكن الخروج منه خلال وقت قصير. في المُقابل، عُلم ـ بحسب المصادر نفسها، أنّ النائب إبراهيم كنعان ردّ على كلام خليل بالمُطالبة بعدم التهرّب من إقرار هذه الإصلاحات الضروريّة، وفي طليعتها ضرورة التشديد على نهائيّة المُناصفة بين المسيحيّين والمُسلمين بنصّ مكتوب وواضح، وبالعمل على تحريك مسألة «مجلس الشيوخ» مُجدّدًا، كون هذه المطالب وغيرها من «الإصلاحات»، تُشكّل تطمينات للمسيحيّين تُعوّض الغبن اللاحق بهم في قوانين الإنتخابات، حتى في القانون الجديد الذي لا يسمح لهم بإنتخاب أكثر من خمسين نائباً بأصواتهم، ومن دون تأثيرات من باقي الناخبين اللبنانيّين!
وختمت المصادر السياسيّة المُطلعة كلامها بنوع من التأكيد بأنّه مهما تسارعت وتيرة الإجتماعات في الساعات والأيّام القليلة المُقبلة، ومهما كانت نتائج المُفاوضات إيجابيّة، فإن لا مناص من إرجاء جلسة الإثنين النيابية من 12 إلى الإثنين 19 حزيران المُقبل، بسبب ضرورات مُرتبطة بضيق الوقت المُتبقّي لحلّ العقبات وبصياغة القانون الجديد أيضًا. وأضافت: أنّ هذه الجلسة ستكون بمثابة «الخرطوشة الأخيرة» الفعليّة، قبل الدُخول في صراع سياسي وجدل دُستوري جديدين، بشأن ما إذا كانت الإنتخابات النيابيّة ستجري وفق «قانون الستّين» المُعدّل في الدوحة بعد ثلاثة أشهر من إنتهاء ولاية المجلس الحالي، أي في أيلول، أم سيتمّ التمديد للمجلس للإستمرار في البحث في تفاصيل قانون «النسبيّة» طالما أن لا إنتخابات متوقّعة عندها قبل ربيع العام 2018 المُقبل!