يعتبر حزيران، شهر حسم الاتفاق على الملف النووي الايراني مبدئيا، مرحلة بالغة الخطورة تأمل طهران في نهايتها الفوز بسبق النفوذ الاقليمي. وخلاله ينكبّ كل طرف على جمع آخر اوراقه لتحسين ظروف تفاوضه. والارجح ان يتم الانجاز في موعده لأن طرفيه الاساسيين، الاميركي والايراني، يريدانه بأي ثمن. لكن ذلك لا يلغي نهائيا احتمالات عراقيل بدأت تطل برأسها مجددا تواكبها تصريحات لا تستبعد تمديدا اضافيا.
فقد تزايد الحديث مؤخرا، وآخره على لسان مسؤولين ايرانيين، عن خلافات قد تؤدي الى تمديد جديد يوفر لايران فسحة اضافية لتوسيع نفوذها. ومنها مثلا رفض طهران تفتيش المنشآت العسكرية او استجواب العلماء، وهو ما لا تقبل به واشنطن، اضافة الى اعلان وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس بوضوح ان بلاده ترفض التوقيع في هذه الحال.
وقد استجد ذلك في اعقاب زيارة علي اكبر ولايتي الاخيرة التي اكد فيها لمسؤولين لبنانيين ان «انجاز الاتفاق واقع لا محالة«، موضحا لـ«حزب الله» ترحيب بلاده بأي امر واقع يمكن فرضه في هذه الفسحة الزمنية لان الوضع سيختلف بعد التوقيع.
وسيوفر رفع العقوبات، وفق تقديرات اختصاصيين، اكثر من 140 مليار دولار تتراوح فوائدها بين وجهتي نظر. اذ ترى الاولى انها ستصب في مصلحة تحسين ظروف حلفاء طهران في العراق او سوريا او اليمن او لبنان، فيما تعتقد الثانية انها لا تكفي حتى لسدّ المشاكل الاقتصادية الداخلية.
ويقر مصدر ديبلوماسي غربي بقوة ايران الاقليمية، مذكرا انها تحاول منذ قيام الثورة الاسلامية عام 1979 ان تقود الساحة الاسلامية من خلال امساكها بقرار الحرب والسلم سواء عبر «حماس« او»حزب الله» او مؤخرا «الحوثيين«، لافتا الى ان انجاز الاتفاق النووي سيكون من دون شك «تسوية كبيرة على حساب نظرية تصدير الثورة« بما يعني ضربة فعلية لمشروع ولاية الفقيه لانه يعني موافقة على شروط المجتمع الدولي التي تسعى الى ضمان استقرار المنطقة بما يشمل امن اسرائيل.
ويلفت المصدر الى ان الانجاز، بالاعتماد على مواقف الولايات المتحدة اساسا وايران، لا يضمن فعليا امن المنطقة. فثمة حاجة الى موافقة عربية وخصوصا خليجية لاسيما بعد «عاصفة الحزم» وبعد تبلور التكامل التركي – القطري – السعودي في دعم ثوار سوريا. وقد عبر عن ذلك بوضوح رئيس وزراء قطر السابق الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني بقوله «كان يجب اشراك دول المنطقة في المفاوضات مع ايران من اليوم الاول لكي تدعم الصفقة، وليس فقط دعوتها الى كامب ديفيد» في اشارة الى القمة الاميركية – الخليجية الاخيرة.
ويذكّر المصدر بتزامن التصريحات الايرانية عن الهيمنة على اربع عواصم عربية مع التوقيع على «اتفاق الاطار«، ثم تطورت الامور مع «عاصفة الحزم« وخسائر النظام في شمال سوريا وجنوبها واضطرار الحكومة العراقية الى الخضوع للشروط الاميركية لدعمها في مواجهة «داعش». اما في لبنان، ومع اقتراب شهر الحسم، فقد دق «حزب الله» النفير لعرسال وجرودها، وهي معركة قد تفجر لبنان الذي يحظى استقراره بدعم دولي. ويعزو المصدر ذلك الى رغبة ايرانية تعتبر ان ذلك قد يؤدي الى تحريك البحث في تقاسم النفوذ الاقليمي قبل التوقيع. يضاف الى ذلك التصريحات العدائية للسعودية سعيا الى استفزازها لتوقف تسليح الجيش، او الالحاح على توريط الجيش في المعركة بما يهدد نسيجه.
وثمة مؤشرات تشي ان حلفاء الاسد باتوا يشعرون انهم «على المقلب الخاسر». فالاعلان عن قيام «لواء القلعة» يشكل «ضغطا مباشرا على قيادة الجيش بقدر ما هو وسام على صدرها» وفق سياسي لبناني سيادي. فلو كانت طيّعة لما اضطر الحزب الى استنفار امثال نوح زعيتر او عقل حمية، بما يعني استنساخ تجربة «الحشد الشعبي» الشيعي في العراق بحيث تتوسع المعادلة الذهبية من ثلاثية مع «الشعب والجيش والمقاومة» الى رباعية باضافة «لواء القلعة» مثلا.