IMLebanon

“الغابة ” تحتفل!!

“تغتال” مقتلة حوادث السير سنوياً ما يناهز الالف لبناني ومقيم في لبنان بالاضافة الى ما يفوق العشرة آلاف جريح. وشهد لبنان في الاسبوعين الاخيرين وصولاً الى يوم بدء تنفيذ قانون السير الجديد عراضة اعلامية غير مسبوقة في التوعية توجتها قوى الامن الداخلي بأسلوب حضاري وسلس متدرج قبل ان تبدأ الردع “الصارم” الموعود.

الى هنا يبدو كل شيء متوقعاً في بلد باتت معه ثقافة المخالفة للقانون وانتهاكه غالبة على طبائع ناسه بدءاً برأس هرمه أي الطبقة السياسية و”هبوطاً” الى المواطنين لفرط ما تعايش اللبنانيون مع أوجه الاستباحة للقوانين ومسح الدولة ومفاهيمها بالحضيض وما تحته. غير ان ما يستدعي التوقف عنده هو هذه “الهيصة” لتنفيذ قانون معدل كأننا “ولدنا ” معه أو كأن ما سبقه كان فراغاً سائباً بالكامل الى حدود يصح معها التساؤل عما اذا كانت ألوف الأرواح المزهوقة في هياكل السيارات الجانية ذهبت بجريرة “قانون” عاطل فجاء القانون الأعجوبة لانقاذ أرواح الناس؟ أم ترانا نحن اللبنانيين في غالبيتنا الساحقة والمسحوقة في آن واحد نعيش القانون مواسم وهيصات وجولات مزاجية على دين حكامنا وسياسيينا وسلطاتنا؟

لن نتسرع بطبيعة الحال في التنغيص على الهازجين بالجولة الجديدة الطالعة احتفاء “بإحلال” قواعد ضبط الانتحارات الجماعية والفردية على طرق لبنان، ولن نغرق في الجانب الآخر المسبب لهذه المقتلة عنينا به واجبات المسماة دولة في تسهيل مهمة القوى الأمنية في تنفيذ القانون. ولكننا نودّ التذكير ببساطة انه في الأعوام الأخيرة ومع تعاقب “ولايات” عدد من وزراء الداخلية كنا نشهد عراضات موسمية مماثلة: مرة مع موجة لفرض وضع أحزمة الأمان، ومرة اخرى مع موجة لنشر الرادارات وفرض عشرات ألوف محاضر الضبط، ومرة ثالثة مع موجة التهليل بقانون جديد، والآن موجة التبشير بفجر الوعي المتدحرج على القانون الجديد وموجباته ولا ندري كم ستدوم مفاعيلها.

لعلها مأساة فعلاً ان نكتشف تباعاً المستوى المريع في فقر مفاهيمنا لثقافة القانون والدولة مواطنين ومسؤولين سواء بسواء في أمر يهدّد حياة الناس يومياً ويقصف الأعمار، فاذا بالاحتفالية الجارية بقانون السير الجديد كأنها تنبئ عنا أننا نعيش في غابة مدنية مستباحة. كيف الأمر إذاً عند “الصعود” طلوعاً الى الانتهاكات الدستورية التي سوت النظام اللبناني بالأرض وتكاد تهدمه وتقوضه عن بكرته؟ ومن قال ان ثمّة فارقاً بين مخالف لقانون “شعبي” من شأنه ان يحمي المواطن من قتل طوعي أو مفتعل ومنتهك لقانون “مبجل” بالعظمة كالدستور من شأنه ان يحمي لبنان من الالتحاق بجهنم الشرق الاوسط الراهن؟ كلّها محنة “ثقافة”!