IMLebanon

زبالة…

 

 

قد يصح القول إن أزمة النفايات في لبنان لم يشهدها أي بلد في العالم، إذ أصبحت المدن اللبنانية ولا سيما الساحلية التي تتمتع بتاريخ عريق منذ البشرية، تشتهر أيضاً بمكباتها ومطامرها.

 

إشتهرت العاصمة بيروت “أم الشرائع” بمكب “النورماندي” وفي ضاحيتها الجنوبية مطمر الـ”كوستا برافا” وفي الناعمة أغلق المطمر بعدما اكتملت قدرته الاستيعابية، وفي ضاحيتها الشمالية مكب برج حمود ومطمر الجديدة. مدينة صيدا التي زارها السيد المسيح إشتهرت أيضاً بجبل نفاياتها. مدينة صور التي حاصرها الإسكندر وكان بطلها الأمير علاقة، إشتهرت بجبل النفايات الذي يقع جنوب المدينة. جبيل التي صدرت الأبجدية إشتهرت منطقتها بمكبي غرفين وحبالين. مدينة طرابلس الفيحاء المعروفة بقلعتها، إشتهرت بمكب نفاياتها.

 

من بعض هذه المكبات أبحرت النفايات إلى بعض شواطئ دول حوض المتوسط وارتفعت صرخات بعض الدول وأصواتها ومنها دول أوروبية.

 

هذه الظاهرة الفريدة التي يشتهر بها لبنان وحده، أي النفايات، حاولت حكومات متعاقبة أن تجد لها الحلول المستدامة، لكنها حتى اليوم تسجل الفشل تلو الآخر، فلا جدية في معامل الفرز والمعالجة، بعضها لا يعمل وآخر معطل، بعضها ما زال حبراً على ورق وإذا كان هناك من معامل تعمل فهي لا تشكل سوى القليل القليل من سبل التخلص من هذه الآفة.

 

طُرح موضوع المحارق ومعامل التفكك الحراري ولكن الطرح لم يرَ النور في ظل سجال عقيم بين مؤيد يقول إنها تشبه مراكز النقاهة، ومعارض يقول إنها السرطان بحد ذاته.

 

لم تقف الأمور عند هذا الحد بل وصلنا إلى فكرة بيع النفايات وتصديرها، وتبين أن الأمر كناية عن وهم وسراب ووقعت الدولة في المحظور عندما تبيّن أن وراء الأكمة شركة وهمية… وطوي الملف.

 

دارت النفايات دورتها وعادت إلى المطامر والشوارع وآلاف المكبات العشوائية المنتشرة فوق كل الأراضي اللبنانية، تُحرق فيها النفايات أو تُطمر من دون أي معايير علمية وبيئية حتى باتت التربة والهواء والمياه ملوثة ومنتجة للأمراض على أنواعها، وأصبحت نفاياتنا على شاشات التلفزة والصحف العالمية وتناقش في برلمانات عريقة كالبرلمان الفرنسي من باب هدر الأموال والصفقات.

 

هذا هو واقع النفايات في لبنان وما من مسؤول تحمّل المسؤولية، وما من مسؤول اعترف بالخطأ، وما من مسؤول حاسبه القضاء، وما من مسؤول أخذ على عاتقه أمر المعالجة بجدية فصدق الذي أطلق شعار “طلعت ريحتكن”، وهل من شعار أفضل يطلق على “الزبالة”.