IMLebanon

الزبالة على حين غُرَّة!

على حين غرّة، كما تقول الحكايات، تلقَّيت اقتراحاً من صديق قديم هو في الوقت ذاته قارئ ومتابعٌ مدمن. يبدأ الاقتراح بدعوة رئيس الحكومة “أو أي وزير حريص على كشف الحقائق والملابسات المحيطة بمهزلة النفايات التي تصلح لتكون مضرب مَثَل في القارات الخمس”. فيقال في مناسبة قريبة من وضع النفايات وفضائحها: “مثل النفايات في لبنان”. أو “كأنّنا نعالج في نيويورك أزمة نفايات لبنانيّة الأصل”…

ولا يكتفي الصديق المهضوم بهذا القدر، بل إنه يتساءل بحيرة واستغراب كيف أن الرئيس تمّام سلام والوزراء المعنيّين بهذه “المعضلة” التي أضافت شرشحة فوق الشرشحات المنتشرة في الفيافي والحنوات اللبنانية، كيف أنّهم لا يميطون اللثام وكل ما هو مخفي ومخبّأ ومستور، ويتصل مباشرة بعرقلة المعالجات، و”الأسباب الحقيقية التي لا تزال تؤرجح هذه المسألة المشينة، وتنشر روائحها وفضائحها على سطوح الأبنية وناطحات السحاب بين بيروت والمدن الأميركيّة”.

عشرات الحلول والاقتراحات وُضِعت وتمَّ التفاهم عليها. إلاّ أنها تبخَّرت قبل أن يطلع الضوء، وتصل التفاصيل إلى وسائل الاعلام، وصبحيات النساء، ومقاهي النراجيل.

فما هي حقيقة “اللخبطة” الدائمة لحلول يُعلن فشلها قبل نشر تفاصيلها. مثلما يعلن اعتراض الوزير “الفلاني” قبل أن يقرأ بنودها، على سبيل المثال.

يا يوم قَتْلِ بزرجمهر وحلول النفايات اللبنانية، وقد انتشرت حكايات من كعب الدست حول “العوامل الخفيَّة” التي تدخّلت في اللحظات ما قبل الأخيرة، ونسفت كل ما اتفق عليه بالاجماع، أو بما هو قريب منه… ولكن، من غير الإشارة إلى “مَنْ” الذي طيَّر الاتفاق، وعلام الخلف، وإلام كل هذه التعقيدات؟

يضيف الصديق الذي تعذّبه هذه القضية انه لا يتردَّد في رصد مكافأة “حرزانة”، لأي كاتبْ، أو سيناريست، يحوِّل فضيحة الزبالة في لبنان مسلسلاً على غرار مسلسلات المكسيك وتركيا، مع اشتراط الابتعاد عن المسلسلات الشديدة التفاهة، وعدم تضييع الوقت في الاقتباس والترجمة، وما لم يعد خافياً.

“مسلسل الزبالة في لبنان”، وتنطلق مخيلة الكاتب استناداً إلى الوقائع المعلنة، ونبش التفاصيل والعوامل، والأسباب، والأسماء. ثم فَلْشِها في سيناريو تجتاز شهرته البحار السبعة، وتنافس شهرته أعرق المسلسات “الضاربة” وأنجحها.

الاقتراحات التي يوجزها القارئ المقهور الذي ضاق صدراً ونفد صبره من هذه “المعضلة”، لا يتسع لها مجال صغير، ولا حتى تتمكّن من استيعابها قصة واحدة. انها من تلك الحكايات التي تشيب من هولها رؤوس الأطفال.

في كل حال، لفتة الصديق النديم تستحق الاهتمام. وقد تجد من تغريه وتشدُّه إليها، وتجعله يبزُّ بمسلسل جذاب كل ما شهدته الشاشات من مسلسلات ناجحة.