Site icon IMLebanon

الزبالة، للحقيقة والتاريخ والجغرافيا…

أعان الله الوزير أكرم شهيّب على أمره، وعلى هؤلاء وأولئك. يكاد في صبره على معرقلي سُبل تصريف كارثة الزبالة أن يقف إلى جانب أيوب هذه الحكومة الرئيس تمام سلام.

أَيعقل في هذه الحقبة الحرجة، المصيريّة، وفي هذا الفراغ الرئاسي والدستوري أن تصبح الزبالة هي القضية الرئيسيّة في لبنان، ووسط هذه التطوّرات على المقلب السوري حيث تحتشد جيوش الدولتين الكبيرتين أميركا وروسيا؟

للحقيقة والتاريخ والجغرافيا، وإنصافاً للواقع وللبلد اليتيم الذي يدعى لبنان، يمكننا القول إن فضيحة الزبالة الباركة على “الوطن الرسالة” منذ ثلاثة أشهر ونيّف، لم يسبق للعالم أن شهد مثيلاً لها.

مخجلة ومعيبة ومهينة للغاية هذه الوصمة الزباليّة بحق بلد صغير مؤلّف من ثماني عشرة طائفة كان يُلقّب “قطعة سما”.

في الدول الكبرى والصغرى، وحتى في كل دول أفريقيا وغاباتها، الكثير من الأزمات والكوارث والقضايا والنزاعات، على الكثير من الفضائح السياسيّة والماليّة ومتفرّعاتها. إلا أن التاريخ الحديث والقديم لم يذكر أن بلداً واحداً انتشرت في شوارعه، ودروبه، وحاراته، وهضابه، وجباله، وطرقه، وحقوله وساحاته، أكوام الزبالة بكل أنواعها و”مضمونها” طوال ثلاثة أشهر ونصف الرابع من غير أن يتوصّل قادته ومسؤولوه وسياسيّوه، إلى مطامر طبيعيّة في الأطراف والأودية.

في الوقت الذي تقدّم اختصاصيّون، وتقدّمت شركات بعروض فعالة وصحيّة لمعالجة المعضلة الزباليّة بوسائل حديثة، وبأبخس الأثمان.

لكن أحداً لم يعلن بعد أنه يعرف كامل الأسباب و”الأسرار” المحيطة بلغز بقاء آلاف أطنان الزبالة مرتفعة في طول البلاد وعرضها: من السفن المختصة بالشحن والحرق والطحن، إلى المطامر الصحيّة المستوفية كامل الشروط.

إن أحداً لم يبقّ بحصة، أو يكشف سرّ هذه الحكاية الزباليّة التي تفرّد بها لبنان، والتي يستحقّ عليها منحه جائزة “أوسخ بلد في العالم”.

ما هي حقيقة الأسباب، والعلّة، والعقبة، التي جعلت قضيّة زبالة، لا أكثر ولا أقل، عاصية على كل الحلول، وقد عجز الوزراء والوسطاء والعطارون والخبراء الاختصاصيون عن إيجاد مخرج يُرضي كلّ مَن له كلمة، أو دور، او إصبع، أو مَوْنة… ويبدو أن عدد المعنيّين بزبالتنا لا بأس به.

ما علينا. نحن لا نسعى إلى توجيه اتهام هناك أو هنالك، ولا توزيع عبء المسؤوليات على هذا أو ذاك. كان الناس موعودين بهدية الخلاص من هذه الكارثة الزباليّة أمس. لم تتمّ الفرحة، ولا تزال الزبالة باركة في أرضها.

فإلى متى؟ قيل قد يطلقون الزلغوطة اليوم، فيزول الهمّ والغمّ عن البلد والصدور. فلنجرّب ولنصدّق