IMLebanon

مجرّد تشابه

 

يشبه إعلان الوزير جبران باسيل ان الحكومة اللبنانية مجتمعة صاحبة قرار الحرب والسلم في لبنان تصريحات جواد ظريف بأن الحوثيين طوّروا صواريخ ضربوا فيها منشآت أرامكو في السعودية. والوزيران النظيران يطلقان الكلام من نيويورك وعلى هامش أرقى المناسبات الدولية كل عام، حيث يفترض أن تساهم اللقاءات المباشرة في جعل الديبلوماسية ليس مجرد خبث ودهاء وتدوير زوايا، بل مساحة ودّ فعلي تقرّب اللعبة السياسية من الحقيقة لمصلحة الشعوب وتقاربها وإبعادها عن النزاعات.

 

وإذا اعتقد الوزير باسيل أن تصريحه الذي يفترض ان يضع الأمور في نصابها، أي أن الحكومة حسب اتفاق الطائف هي صاحبة الحلّ والعقد في الأمور المصيرية في البلاد، يلغي واقع أن ممارسات فريقه في السلطة يعاكس هذا الاتجاه، فهو “مشتبه” حسب التعبير الذي يردّده دائماً الأمين العام لـ”حزب الله”، كي لا نقول إنه يجانب الحقيقة أو أكثر من ذلك بأشواط.

 

ينسى الوزير باسيل أن الكبير والصغير في لبنان يدركان أنّ السلطة الشرعية لدينا واجهة تارة تتصدّر المشهد وتأخذ بصدرها الدفاع عمن تركت له الصلاحيات، وطوراً تختبئ وراء بدعة “النأي بالنفس” لتنفض يدها من المسؤوليات. ولا يخفى الأمر على المغتربين ولا على وسائل الإعلام الأجنبية ولا على الدول التي يعتقد وزير خارجيتنا أنه “يبلفها” بهذه التصريحات.

 

في تقييم أي مراقب جدي أن كلام باسيل مثل كلام ظريف. إنكار وتذاكٍ لا يصلحان لأي ميزان. فعلى مَن يضحك الشبيهان؟ على واشنطن التي تشدّد عقوباتها يومياً على طهران؟ أم على بيان لندن وباريس وبرلين الذي أكّد مسؤولية إيران عن الاعتداء على أكبر شركة نفط في منظمة أوبك على الإطلاق؟ أم على الشعب اللبناني الذي “يعرف البير وغطاه”؟.

 

يملك ظريف رفاه ممارسة هذا النوع من الألاعيب. فطهران لاعب إقليمي دولي كبير، والدول الكبرى تتعامل معها بصفتها نظاماً مارقاً لكنه صاحب قوة جدية وقدرة استثنائية على الإيذاء والتخريب. ومن أجل ذلك فاوضت سنوات طويلة مع النظام الإيراني وتوصّلت معه بشق النفس إلى “الاتفاق النووي”، وهي رغم تأكدها من مسؤوليته عن اعتداء أرامكو وسياسات الأذرع الطويلة لزعزعة استقرار دول في الإقليم، لا تجد مناصاً من الجلوس معه في نهاية المطاف للتوصل إلى تسوية، كون الحرب آخر ما يمكن أن يفكّر به العالم الغربي.

 

أما نحن، فيفترض بوزير خارجيتنا أن يعرف حجمنا وينطلق من واقع أن دولتنا في الحضيض اقتصاداً ومالاً وسياسةً وسيادةً وعلى كل صعيد. وفضلاً عن وجوب ان يتحفظ في تصريحاته عن اليمن، يفترض أن ينتبه إلى أن البهرجة الإعلامية في المؤتمرات والخطابات الرنانة أمام المغتربين وقول الأشياء على غير معناها في التلفزيونات الأجنبية وأمام الديبلوماسيين لن تغطي كوننا مسلوبي الإرادة والقرار، ولن تزيد مصداقيتنا بل ستجعلنا مدعاةً للسخرية بالتأكيد.