IMLebanon

لمجرد أنه يتنفس كان …  لحظة عذاب وقهر لاسرائيل !

كان مجرد وجود سمير القنطار على قيد الحياة يمثل تحدياً خانقاً لاسرائيل وقادتها الأمنيين على مر العقود. وأعلن سمير القنطار نفسه شهيداً منذ ٢٢ نيسان/ ابريل ١٩٧٩، وكان عمره ستة عشر عاماً ونيف، عندما أبحر مع مجموعة فدائية في زورق مطاطي الى مدينة نهاريا الساحلية في فلسطين المحتلة للقيام بعمليته الأولى ضد العدو. وكان تحديه الأول لهذا العدو واصابته بالهستيريا، بأنه لم يستشهد في حينه. كما لم يستشهد خلال العقود التي أمضاها في سجون العدو. وأكثر لحظة تجرع فيها العدو السم كانت لحظة رضوخ العدو الى الموافقة على تحريره في صفقة تبادل مع حزب الله. ووجود سمير القنطار في الحرية كانت لحظة عذاب دائمة ومستمرة ومتفاقمة لاسرائيل وقادتها الأمنيين. وبهذا المعنى كانت اسرائيل ترى مجرد وجوده على قيد الحياة لمدة ٣٦ عاماً هو زمن قهر لها، لأنه لم يستشهد في اللحظة التي أراد لنفسه أن يستشهد فيها عام ١٩٧٩، ولم تنجح لحظة الغدر من النيل منه الا بعد ٣٦ عاماً، أي في ٢٠/١٢/٢٠١٥.

***

استشهاد المناضل سمير القنطار على تلك الصورة الغادرة التي اشتهرت اسرائيل في اعتمادها، أثار عاصفة من المفاجآت والحزن في آن. وشاعت على الأثر كلمتان هما – في رأينا – من المعايير الخاطئة في أدبيات الصراع مع اسرائيل، وهما: كلمة الرد، وكلمة الانتقام، اذ ليس من هنا نبدأ… وانما نبدأ من البحث عن مصدر ذلك الاختراق، وتحديد كيفية تجنيد ذلك الجاسوس الحقير والمنحط الذي قاد صواريخ اسرائيل الى مقر اقامة الشهيد في ذلك المبنى في سوريا. هذا في المرحلة الأولى، وبقصد اعادة فحص المواقع في جوار كبار القادة المدرجين على لوائح الاغتيال الاسرائيلية، تجنباً لتكرار الغدر. اما في المرحلة الثانية منه في اتخاذ كل التدابير الفورية لمواجهة هذا الأسلوب الاسرائيلي الجديد في الاغتيال عن بُعد بواسطة الصواريخ التي تسمى ذكية!

***

الرد والانتقام هما من أدبيات تصلح للحديث عن علاقات وتقاليد بين قبائل وعشائر بوسائل بدائية. وهذا لا يصلح في صراع له طابع وجودي بين اسرائيل ونقيضها في محيطها وفي العالم. جرائم اسرائيل المتمادية المعلنة والمستترة داخل فلسطين وعلى امتداد العالمين العربي والاسلامي، بل وعلى امتداد الكوكب، تستوجب التركيز اليوم وأكثر من أي يوم مضى، على تحديد موعد الزمن الفاصل بين وجود اسرائيل وعدمه، واعداد العدة له بكثافة أوسع وأعمق، وتركيز كل الجهود على هذا الهدف دون سواه! والخطوة الأولى في هذا الاتجاه هي الانسحاب من أي نشاط أو فعل يشتت الانتباه عن هذا الهدف، وتوجيه كل الجهود والأنظار اليه حصراً! –