البلد… ضائع غائب سائب، وأنتم تبتهجون بالمناصب في هياكل الدولة العظمية.
البلد ينزلق في مهاوي الإنحدارات، وأنتم تتسلقون بأقدامكم مناكب الشعب، الى أبراجكم العاجية، وحولكم الجواري وأكواب الخمر الفارغة.
إذهبوا غير مأسوف على شبابكم السياسي والسلطوي والقيادي، فكيف تستطيعون أن تتكلموا بالصالحات وأنتم أشرار؟
أنتم… أيها الذين تستعظمون همجية «الداعشيِّين»… أليس منكم، مَنْ قتل وهدم ودمَّر واغتصب وهجَّر… فحكَم؟
أوَ ليس منكم من يقتل ويهدم ويدمِّر ويهجّر ليحكم؟
أنتم… أيها المتْخمون برغيف الجياع… ألم تكونوا جياعاً فانتفختم برغيف الحرب؟
ألم تكونوا فقراء فاغتنيتم بقرش الفقير، وفوق ركام الأكواخ بنيتم الحصون والقصور؟
في كل وزارة لكم مغارة، وفي كل مرفق ومرفأ ومطار وجمرك وكهرباء وماء ونفط، يربض علي بابا.
في كل تجارة وسلعة وعقار، وفي كل بيع وشراء واستثمار، لكم سماسرة وعملاء، وفي كل عرض وباب رزق وإنتاج أرض، لكم مأرب ومسرب على الإرتزاق الحرام.
معكم وبكم، الموارد جفّت، والسياحة تعطلت، والمصانع والمتاجر والمقاهي تعثرت، ومؤسسات أقفلت أبوابها راحلة الى عالم فيه دولة وحكم ورجال وشرف ومسؤولية وقانون.
معكم وبكم، تزعزت أركان الدولة، واهتزت مرتكزاتها الشرعية والقانونية، وتعطلت كل الإستحقاقات الدستورية والسلطات التنفيذية وانتهكت كلٌ حقوق الشعب وحقوق الإنسان.
والمستقبل على يدكم لن يكون إلّا استمراراً لفواجع الماضي، وستستمر أصابعكم الحمراء متلاعبة بالدستور وبالقوانين، لتأكيد حق سلالات توريث العروش للأبناء الذين هم سرّ أبائهم.
إذهبوا… وماذا تريدون بعد…
البحر أمامنا والعدو وراءنا والحرب حولنا، وعندنا ما هو أعظم وأدهى، إنها سياسة القهر والتسلّط والإستغلال، سياسة اللصوصية والإنهيار الخلقي تقتلنا، وتستمر في قتلنا هي: «أخطر من الحرب لأن الحرب تقتل مرة واحدة» كما يقول تشرشل.
الحياة عندنا أيها السادة تلتهب بين أنفاس تعاني الإختناق ولا تزال تتنشّق شميم الحرية والعدالة والمساواة، هذا المثلث الذهبي الذي من أجله تثور الشعوب على استبداد الملوك.
وقديماً وقف الملك الإسكندر ذو القرنين منتصباً أمام الفيلسوف ديوجين، ولما سأله عن حاجته أجابه الفيلسوف: حاجتي أن تذهب فلا تحجب عني ضوء الشمس.
إذاً، أيها «الملوك»، يا ذوي القرون… إذهبوا.