IMLebanon

واللّهِ استحوا… واذهبوا 

 

من المخجل أن تكونوا بلا خجل أيها الغارقون في الوحل، والملوَّثون بالأوبئة، وعليكم يحوم النمل.

الهيكل ينهار، والأرض جَدْبَاء، والمواسم قاحلة، ولم يبقَ شيء لتسرقوا وتنهبوا، فاستحوا واذهبوا.

سرقتم اللقمة من أفواه الجياع، والبسمة من ثغور الأطفال، وأقفلتم أبواب الحياة في وجه الأَجِنَّة في أرحام الأمهات قبل أن يولدوا.

سرقتم الماء والكهرباء والدواء والغذاء، واشتهيتم النفايات.

وسرقتم الأمل، وفرص العمل، والأحلام، ومستقبل الأيام، من أمام الجيل الصاعد والشباب… فاستحوا واذهبوا.

الوطن يتلاشى نحو الإضمحلال.

والدولة تنزف نحو الزوال.

والجمهورية تتفكك نحو الإنحلال.

والشعب مرهق منهك، فلا كرامة، ولا حرية، ولا أمن، ولا مال، ولا استقلال. وأنتم يا رعاكم الله، ما زلتم تسمّون أنفسكم حكاماً ونواباً ولا تستحون… فاستحوا واذهبوا.

أيُّ نائب أو وزير أو قائد أو زعيم منكم، يتجّرأ على النزول الى الشارع من دون أن يُرمى بأوساخ المزابل.

وأيٌّ من المرجعيات السياسية والحزبية وأصحاب القامات والهامات والمقامات والأبطال الخرافيين، يتجرأ على الظهور الشعبي من دون أن ينزل عليه غضب الشعب كالحمم.

الوطن الذي كان إسمه لبنان مَسخْتموه، مسختم الوطن التاريخي الذي صدّر الحرف والذي كان سويسرا الشرق، والوطن الرسالة، وملجأ المضطهد، وموئل الحضارة، ومورد الثقافة، وديمقراطية العرب، وجامعة العرب، ومستشفى العرب، ومصيف العرب.

هذا اللبنان تحوّل الى مستنقع للتخلّف والرجعية والتقهقر والفقر والجهل، وأنتم تتفرجّون على المأساة، وتستقيلون من المسؤوليات وتقبضون الرواتب.

إنها ثورة رياض الصلح في ساحة رياض الصلح على من يفرِّطون بالإستقلال.

هي ثورة الشهداء في ساحة الشهداء، في وجه لويس السادس عشر وماري أنطوانيت، وشراء عقود الذهب من مال الخزينة.

وهي ثورة لإلغاء الإمتيازات ومحاربة الفساد والفقر والبؤس ضد من يحتقرون إرادة الشعب ويحتكرون الوطن.

يا جماعة… لا تتذرعوا بالوقوع في المجهول لتضمنوا استمراركم فأنتم المجهول. ولا تتذرعوا بالفراغ الدستوري، فهناك ممر إلزامي لرحيلكم هو انتخاب رئيس للجمهورية.

لقد طفح الكيل، ولم يبقَ إلاَّ أن يُقْدِم بائع لبناني متجول على إحراق نفسه في ساحة رياض الصلح على غرار طارق بن عزيزة التونسي لتندلع معه النيران في كل مكان.

الشعب منتفض، غاضب، ثائر، فاذهبوا «بريحة طيَّبة» قبل أن تذهبوا مع النفايات الى المكبَّات.