Site icon IMLebanon

مجرَّد فعل ماضٍ ناقص!

لا رئيس جمهوريَّة في المدى المنظور. ربما خلال الربيع، الصيف، الخريف. قبل، بعد… العلم عند “المظلَّة” الاقليميَّة – الدوليَّة. والقرار عندها. واسم الرئيس عندها. والموعد باليوم والساعة عندها.

أما بالنسبة الى اللبنانيّين، وكبارهم قبل صغارهم، فلا شيء سوى الانتظار. والتأفّف. والهجرة زرافات ووحدانا. إلاّ إذا حدث تطوُّر مفاجئ يشبه الأعجوبة. وزمننا ليس زمن أعاجيب.

نعم، لبنان بلد مستقل استقلالاً كاملاً، تاماً، ناجزاً، وحرّاً سيداً عزيزاً. إذاً، كيف ينتظر من دول الخارج القريبة والبعيدة الأذن والقرار والتوقيت لانتخاب فلان الفلاني رئيساً؟

هذا شيء وذاك شيء آخر، بكل بساطة وواقعيَّة، بل على أعين جميع اللبنانيين، ومن دون أي كلمة أو حركة أو إشارة احتجاج. ربما باعتزاز وافتخار يتقبَّلون ويستقبلون وينصاعون…

كنا نحرص جميعنا على الاحتفال بذكرى الاستقلال في الثاني والعشرين من تشرين الثاني. كل الدولة تنتقل الى ساحة العرض، مع كل المسؤولين والرؤساء والوزراء والنواب من حاليين وسابقين، فضلاً عن الجماهير الغفورة، لمواكبة الذكرى وخطبها وعرضها الشامل لقوى الجيش والأمن الداخلي.

يوم الاستقلال كان يوماً مقدَّساً بالنسبة الى عموم الأهالي وكوكتيل الطوائف. منذ الحروب التخريبيَّة التي تمَّت في إشراف الأوصياء أنفسهم، وبمباركة ومشاركة من القيادات والمرجعيَّات و… ما أشبه اليوم بالبارحة.

بعد الحروب فترت همة الاحتفالات، وتلاشت حماسة الناس، وصارت الذكرى مجرد يوم عطلة قد يتذكَّر بعضهم فيه كيف كان لبنان الاستقلال وأين صار.

كنا في البدايات خلال الزمن الجميل نسمع ما يفوق رتبة الغزل والافتتان بالاستقلال التام والناجز. وباعتزاز يحلو لكثيرين المقارنة بين لبنان الاستقلال والديموقراطيَّة والحرية وبعض الدول الشقيقة، من قريبة وبعيدة…

إنما مَنْ منا لا يعلم أن “كان” مجرَّد فعل ماضٍ ناقص؟

لم يبق من ذلك اللبنان، وذلك الاستقلال، وتلك الجمهوريَّة التي استطاعت جذب الدول العظمى وخيرة الكبار في ميادين الفن بكل فروعه، والأدب كذلك، فضلاً عن الازدهار، والمناخ، والانفتاح والليالي الملاح، لم يبق الى هذه الساعات سوى الذكريات. والذكريات صدى السنين الحاكي.

كلُّ ما عند لبنان اليوم، وكل ما له، لا يتعدّى “الرضى” الدولي – الإقليمي الذي منحه مظلَّة أمنيَّة، وحرمه كل ما عداها. حتى أضحى بلداً تفرغ شوارع عاصمته ومدنه الكبرى وقراه وجباله وسواحله من أيّ أثر للناس مع هبوط الظلام.

أما الأسوأ والأبشع فهو أنه لم يعد قادراً حتى على اقتراح اسم مرشّح للرئاسة. فحصته من هذا الاستحقاق تقتصر على عدّ أشهر الفراغ!