IMLebanon

عاش العدل و«مرحبا قانون»

 

 

 

عندما يتّفق الجميع، داخل لبنان وخارجه، أن انهيار لبنان مالياً واقتصادياً، سببه ليس الفساد والهدر فحسب، بل ما انفق على الكهرباء منذ سنوات، ولا كهرباء، وما أنفق على القطاع العام من اموال، والقطاع العام بؤرة فساد ورشوة وهدر ومحسوبيات، ومأوى لمن يقبض ولا يعمل، ويتمتع بعدّة حصانات حزبية وطائفية ومافياوية، وهذان العاملان كانا السبب الرئيس لاختلال الموازين المالية، ولارتفاع الدين العام، ومع ذلك لم تتجرّأ الحكومة الحالية، التي أسمت نفسها حكومة التحديات، ان تتحدّى من يحمي هاتين البؤرتين، لا في البيان الوزاري، ولا في خطب رئيس الحكومة حسّان دياب، ولا نعرف اذا كان سيأتي على ذكرهما في الخطة «الاصلاحية» الانقاذية التي تأخر على انجازها، متّبعاً اسلوب من سبقه في التطويل والتأخير وعدم احترام الوقت.

 

لمن لا يعرف تركيبة القطاع العام من المسؤولين، او يتجاهل هذه المعرفة، اذكّره أن كل وزارة او ادارة او مصلحة مستقلة، او مجلس، او مؤسسة عامة، قائمة على ملاك واضح يحدد عدد الموظفين والأعمال الموكلة اليهم، بدءاً من المدير العام او المدير وصولاً الى الحاجب، وجميع هذه الملاكات معروفة حكماً من مجلس الخدمة المدنية، والتفتيش، وديوان المحاسبة، وجميع المؤسسات التي وضعها عهد الرئيس اللواء فؤاد شهاب.

 

كان عدد الموظفين في القطاع العام طول عهود بشارة الخوري، وكميل شمعون، وفؤاد شهاب، وشارل حلو، وسليمان فرنجية والياس سركيس، حوالى 25 الف موظف، و«فلت الملق» بعدها، وبدأ التسابق بين الوزراء على حشر الأزلام، والمحاسيب والمحازبين، في الوزارات والادارات والمصالح المستقلة والمجالس، الى أن بلغ عددهم اليوم ليس أقل من 200 الف، يضاف اليهم 5200 شخص جرى توظيفهم قبل الانتخابات النيابية الاخيرة، مع معرفة من وظّفهم ان القانون منع التوظيف «مرحبا قانون».

 

* * * * *

 

نيّة المسؤولين، كما اصبح معروفاً، تتّجه الى طلب اعادة هيكلة الدين، ويقال ان الجهات المعنية بهذا الدين وافقت مبدئياً على التخلّي عن 50 بالمئة من دينها، لكن لبنان يطالب بأن يخفّض الدين 75 بالمئة، والمحادثات مستمرة، ولكن التفاوض الرسمي لم يبدأ بعد، علماً بأن الجهات المعنية بمساعدة لبنان تشترط قبل القيام بأي خطوة، ان يبدأ لبنان بحزمة اصلاحات، اولّها الكهرباء، وثانيها القطاع العام، فهل ان حكومة اللون الواحد، قادرة على تنفيذ هذين الشرطين، وهي التي لم تقدر حتى الساعة على حماية التشكيلات التي وضعها مجلس القضاء الاعلى باجماع رئيسه والاعضاء، وتمت «فرملتها» عند وزيرة العدل… عاش العدل.