IMLebanon

“داعش” رُحِلّ من الجرود والحقيقة لا تزال ضائعة… مطر: لن نخاف وسنبقى صامدين

 

الذكرى الخامسة لتفجيرات القاع والعدالة غائبة

 

يطلّ شهر حزيران على بلدة القاع وقد تلطّخت أيامه بالدماء حتى بات شهر الحزن من كل عام، لكل منزلٍ فيه حكاية جريح وقصة شهادة وموت منذ عام 1978 مروراً بعام 2016 وما بينهما معارك صمود وبقاء، لتبقى الذاكرة حافلةً بالأوجاع والأيام شواهد على المآسي التي زادت من عزيمة القاعيين وتشبّثهم بأرضهم بالرغم من كل الظروف. لم يكن فجر السابع والعشرين من حزيران عام 2016 يشبه بقية الأيام في القاع، فقد كان الألم مضاعفاً. ففي الوقت الذي لم يكد ينهي فيه القاعيون التحضيرات للإحتفال بالذكرى السنوية لشهداء القاع الذين سقطوا على أيدي القوات السورية ليل الثامن والعشرين من حزيران عام 1978 حتى نفّذ أربعة إنتحاريين هجمات إنتحارية في البلدة، سقط خلالها خمسة شهداء وعدد من الجرحى، ليكتمل المسلسل الإجرامي مساء اليوم نفسه بأربعة تفجيرات أخرى أوقعت مزيداً من الضحايا، لترتوي أرض البلدة بدماء شهداء نذروا حياتهم فداءً للبلدة بوجه كل ما حاول سلخهم عنها.

 

يستذكر القاعيون مجزرتي حزيران بحقّ بلدتهم والعدالة لا تزال غائبة، وأهالي الشهداء بإنتظار محاكمة تنصفهم وتشفي غليلهم وتبرّد قلوب أمهات فقدن ابناءهن، يمنّون النفس بأنهم قدموا فلذات أكبادهم شهداء على مذبح البلدة ودفعوا عنها مجازر أكبر، يقيمون الإحتفالات السنوية والقداديس تخليداً لذكرى شهدائهم، يضيئون الشموع وينثرون البخور في أرجاء المكان الذي تناثرت فيه جثامين الضحايا، ويطلبون العدالة من السماء ويصلّون لأجل تحقيقها، يحملون القضية وقضية القاع لا تموت، يحملون السلاح مجدّداً كلما طلبت القاع ذلك، ويجلسون في منازلهم تحت حماية الجيش اللبناني المنتشر حتى الحدود.

 

رئيس بلدية القاع المحامي بشير مطر وفي حديث لـ”نداء الوطن” أشار الى “أن الذكرى السنوية الخامسة للتفجيرات التي وقعت في القاع وسقوط 5 شهداء و32 جريحاً والهجمات الانتحارية من 8 انتحاريين على مرحلتين، يصادف في نفس التوقيت الذي يعقد فيه سينودس مطارنة واساقفة الروم الملكيين الكاثوليك، والقاع هي من أكبر البلدات البقاعية المسيحية الكاثوليكية”، معتبراً بـ”أنّ المجلس الذي ينعقد لإنتخاب مطرانين لأبرشيتي بعلبك وزحلة جاءت مقرّراته بعيدة من الجو العام ونأمل أن يشمل برعايته مشاكل الرعايا في المدارس والمستشفيات والمؤسسات الكنسية والرعوية للطائفة، لأنّ الرعايا يعيشون الجوع وقطع الطرقات وإرتفاع الأسعار والغلاء”، متمنّياً “أن يُعيد السينودس الطائفة إلى الوطن ويحييها من سباتها العميق وتعود طائفة مشاركة في القرار الوطني”.

 

وحول التفجيرات قال “إن قصة القاع مع حزيران قصة طويلة، فالتفجيرات التي حصلت عام 2016 تصادف اليوم الذكرى السنوية الثالثة والأربعين لمجزرة القاع التي نفّذها الجيش السوري بحق 26 شاباً من القاع وراس بعلبك والجديدة والتي كنا نحتفل فيها يوم التفجير، كذلك في الأول من تموز الذكرى السنوية للهجوم على القاع الذي حصل عام 1975، فالمحطات الدموية التي شهدتها القاع كثيرة وهنا نسأل من الذي تزعجه القاع إلى هذه الدرجة ومنزعجٌ من حضورنا، وإذا كنا صندوق بريد فإيصال الرسائل للمجتمع اللبناني أو المسيحي أو لأحزاب معينة فنحن سنحمي أنفسنا ولن نسمح بأن نبقى صندوق بريد، ولا نريد أن نُفهم بشكل خاطئ، ومن هنا نطالب بمعرفة من يريد تفجيرنا وهو ما نصرخ لأجله، ونريد أن نعرف لنحمي أنفسنا، وحينها إذا كانت الرسالة بقصد تهجيرنا فنحن لن نخاف وسنبقى صامدين، مضيفاً بـ”أننا لن نضع الكلّ في ذات الميزان، سواء سوريين أو لبنانيين، والمعلومات تقول إنّ أهل أحد الإنتحاريين يسكنون في القاع حتى الآن، وهذه قنابل موقوتة ولا يمكن أن نستمرّ هكذا، ونحن كبلدة نستمرّ في ظلّ الظروف الصعبة الإقتصادية وفقدان المواد والمحروقات والأدوية والحليب، ونعمل باللحم الحي للبقاء والصمود في ظل غياب الدولة وغياب الدعم والمساندة لنا”.

 

الدكتور طوني وهبي، المتحدث بإسم أهالي شهداء وجرحى تفجيرات القاع وشقيق الشهيد ماجد وهبي أشار في حديثٍ لـ “نداء الوطن” الى “أن ملف الجريمة لا يزال طي النسيان ولم نسمع من السلطات الأمنية والقضائية إلا الوعود وتأجيل الجلسات”، سائلاً “عن السبب في عدم إحالتها على المجلس العدلي، وهي إحدى الجرائم الوطنية التي حصلت”، وطالب بجدّية المحاكمات ومسار المحاكمة “وخصوصاً أنه حتى الآن لا يوجد محضر للتحقيقات الأوّلية”، مشيراً الى “أن السلطة لو كانت تريد فعلاً الوصول إلى الحقيقة لما تركت مسلّحي “داعش” يرحلون من الجرود قبل إنتهاء التحقيقات”، واضاف بأن “الشهود على الجريمة ممن سمعوا وشاهدوا الإنتحاريين قبل التفجير لم يتم الإستماع إلى إفاداتهم”، خاتماً بـ”أنّ الدولة تعلم أنه لا يمكن لمجموعة إنتحارية أن تقوم بفِعلتها لولا وجود مخطّطين ومساعدين لوجستيين على الأرض”، مطالباً الدولة بمراجعة داتا الإتصالات وجمع الأدلة الكافية.