IMLebanon

جاء الردّ من كفرسوسة

 

شاءت الظروف انني كنت أتردّد كثيراً على منطقة كفرسوسة في سوريا، ولي هناك أصدقاء كُثر هم في مناصب ديبلوماسية وسياسية عدّة. لذا فأنا أشعر بعاطفة قوية خاصة لتلك المنطقة. لكن ما دفعني للكتابة عنها اليوم، هو ان أكثر الناس لا يعلمون أهمية هذا الموقع، أمنيّاً وسياسياً… إضافة الى ان عماد مغنية اغتيل هناك بعد وضع متفجرة خلف رأسه وهو في سيارته، فانفجرت به وبالسيارة وأودت بحياته.

 

وما دفعني أيضاً للكتابة في هذا الموضوع ما نقلته الأنباء عن مقتل ما لا يقل عن 15 شخصاً، جرّاء قصف إسرائيلي طال بعد منتصف ليل السبت – الأحد حيّاً سكنياً في دمشق (كفرسوسة)… وهذا وفق المرصد السوري لحقوق الانسان، في حصيلة هي الأعلى في العاصمة نتيجة قصف مماثل. من جهتها أعلنت وزارة الدفاع السورية مقتل هؤلاء وإصابة 15 آخرين في حصيلة أولية. والمفارقة انه يحكى ان صاروخاً إسرائيلياً استهدف بناية كان الحاج عماد مغنية يسكن فيها قبل مقتله، والآن يسكن فيها قائد “فيلق القدس” الحالي ولا يُعرف ما إذا كان موجوداً.

 

وعلى ما يبدو، فإنّ “الكلمة” التي ألقاها أمين عام “حزب الله” السيّد حسن نصرالله، والتي هدّد فيها الولايات المتحدة، قد أخافت أميركا فعلاً، وتسبّبت بحالٍ من الذعر فيها لم تشهدها تلك الدولة في مسيرتها، لذلك كلّفت “إسرائيل” بالقيام بهذه العمليّة، كي تُخْمِد أصوات المرتعشين والخائفين فيها وتعمل على غرس الطمأنينة في نفوسهم.

 

إنّ تاريخ الاعتداءات الاسرائيلية على سوريا، ليس له إلاّ جواب واحد… يعرفه السيّد حسن ويعرفه الآخرون. فعلى سبيل المثال، لا بد من التذكير بتفجير المفاعل النووي السوري بتاريخ 6 أيلول عام 2007، بواسطة غارة جوية في ما سُمّيت يومذاك “عملية البستان” حيث أقدمت مقاتلات الجيش الاسرائيلي على قصف “المفاعل” في دير الزور، وقد أعلنت إسرائيل يومذاك ان وثيقة استخباراتية تعود الى عام 2002، والتي ضمّت تقريراً بأنّ سوريا بنت المفاعل. وللتذكير هنا أقول: إنّ المرحوم الرئيس حافظ الأسد رفض بناء المفاعل حين عُرِض الأمر عليه، قائلاً: ليس المهم أن نبني المفاعل بل الأهم أن نحمي ما أنشأناه… في حين عَمَد خليفته نجله بشار الى بناء المفاعل غير مبالٍ برأي والده.

 

وللتذكير أيضاً أقول: إنّ تلك “الضربة الاسرائيلية” كانت إشارة لإيران، أن تبتعد عن بناء منشآت نووية وإكمالها وإلاّ…

 

أعود الى الاعتداء على منطقة كفرسوسة فأقول: “لقد صمّ آذاننا ما نسْمعه دائماً بعد كل عدوان: نحن نختار المكان والزمان المناسبين”…

 

وللتذكير أيضاً وأيضاً نسأل: أين الردّ على اغتيال قائد “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الايراني قاسم سليماني ومعه أبو مهدي المهندس نائب قائد “الحشد الشعبي” في العراق…؟ لقد اغتالتهما أميركا على يد مجنّدة أميركية تبلغ العشرين من عمرها… كانت تلهو بكومبيوتر طائرتها فرصدت خروج سليمان والمهندس من المطار، فأعلمت رؤساءها الذين أمروها بالضغط على الزر فأطلق الصاروخ الذي فجّر الموكب.

 

فأين الرد الذي لا نزال ننتظر حصوله؟ ومتى يحين الوقت المناسب؟ الله أعلم.

 

وأتابع: ألم يحن وقت الرد على كل من الاغتيالات الأخرى..؟ وها أنذا أذكر بعضاً منها:

 

* اغتيال القائد العسكري في حزب الله عماد مغنية في 8 شباط عام 2008 في دمشق، وتحديداً في كفرسوسة.

 

* اغتيال القائد مصطفى بدر الدين الذي خلف مغنية في مركزه… في انفجار كبير استهدف أحد مراكز الحزب بالقرب من مطار دمشق الدولي.

 

* اغتيال القيادي في حزب الله حسّان اللقيس أمام منزله في بلدة الحدث المجاورة للضاحية الجنوبية عام 2013.

 

* اغتيال كل من “أبو محمد الاقليم” حسن محمد الحاج القيادي في حزب الله والحاج ماهر القيادي الآخر عام 2013.

 

* اغتيال سمير القنطار في كانون الأول عام 2015 بغارة جوية إسرائيلية على دمشق.

 

كلّ هذه الاعتداءات، وأخرى غيرها لم أذكرها اليوم… حدثت والقول نفسه يتردّد: “سنرد في المكان والزمان المناسبين”.

 

أختم وفي قلبي غصّة وحسرة، فأقول:

 

فلنترك الأقوال والتهديد والوعيد ولنتمسّك بالواقع.. فأنا أخشى أن يقع هذا المواطن المسكين في “زوبعة من الادعاءات الواهية”.

 

وأعتقد أخيراً، ان الردّ لن يأتي من نظام رمى مواطنيه من ضحايا الزلزال الذي أصاب وطنه، كالزبالة من غير احترام لحرمة الأموات ولا لكرامة المواطنين.