IMLebanon

إنهاء خدمة قهوجي أم تعيين روكز؟

مع اقتراب 7 آب ترتفع مجددا وتيرة السجال على التعيينات العسكرية ومصير قائد الجيش العماد جان قهوجي. بعد نجاح سيناريو اول افضى الى تأجيل تسريح المدير العام لقوى الامن الداخلي، ها هو السيناريو الثاني يقلده

إذا قيّض لجلسة مجلس الوزراء اليوم ان تنقضي بسلام، ولم توصد دونه فرصة الانعقاد مرة اخرى تحت وطأة انقسامه، فإن اسبوعين فقط يتبقيان امامه كي يبت نهائيا ما سيكون عليه قائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الاركان اللواء وليد سلمان والامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير. في الاسبوعين المقبلين قد يتاح انعقاد مجلس الوزراء مرتين، في 30 تموز و6 آب عشية احالة سلمان على التقاعد. في أي من هاتين الجلستين، يرجح ان يتكرر سيناريو تأجيل تسريح المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص.

هذه المرة يطرح وزير الدفاع سمير مقبل اكثر من اسم لقيادة الجيش، من بينها قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز، فلا يحوز اي منها غالبية الثلثين. يُطوى الموضوع عند هذا الحد، مثابة صفارة للوزير كي يصدر قرارا يؤجل تسريح قهوجي بذريعة فشل تسمية خلف له، وانه ملزم إملاء فراغ لا يسع المؤسسة العسكرية تحمل وزره.

ما يرتبط برئيس الاركان اكثر بساطة، ولا يحتاج الى مثل هذا الجهد. تبعاً لمطلعين على موقف النائب وليد جنبلاط، صاحب الكلمة الفصل في تعيين رئيس الاركان منذ عام 1990، لا يريد الرجل الدخول في بازار المفاضلة داخل الطائفة بين الضباط الدروز الكبار الذين يطمحون الى المنصب، ويجدون ان من حق كل منهم بلوغه، واخصهم اثنان الاكثر حماسة له هما العميدان مروان حلاوي ودريد زهر الدين. تفاديا لاحراجه في صفوف طائفته في هذا الاستحقاق، وفي هذا التوقيت بالذات، رجّح جنبلاط خيار ابقاء القديم على قدمه، من دون ان يعكس بالضرورة تمسكه بسلمان او تشجيعه على تأجيل التسريح.

تاليا ما تواجهه جلسة محتملة لمجلس الوزراء للخوض في تعيين قائد جديد للجيش ليس نصاب ثلثي الانعقاد، بل نصاب ثلثي التعيين. في حال كهذه سينقسم الثلثان بعضهما على بعض بسبب حدة تناقض المواقف. سيكون من المتعذّر العثور على 16 وزيرا يدعمون خيار التعيين بعد الأخذ في الاعتبار ان معارضي تسمية روكز يكاد يقتربون من الثلثين: الوزراء الاربعة لتيار المستقبل ويتعاطف معهم الرئيس تمام سلام ووزيراه، الوزراء الثلاثة للرئيس ميشال سليمان، الوزراء الثلاثة لحزب الكتائب، الى الوزير بطرس حرب.

بذلك يمسي عدد هؤلاء 14 وزيرا معارضا بحجج مختلفة: منها ان انتخاب رئيس الجمهورية يسبق تعيين قائد الجيش، ومنها ان التوافق على الاسم غير متوافر، ومنها ايضا ان مقايضة القيادة بالرئاسة لم تحصل، ومنها ان الظروف الامنية لا تسمح بتغيير القائد وهي الحجة الاوهن بين حجج واهنة. في المقلب الآخر يدعم التعيين وزيرا حزب الله والوزراء الاربعة لتكتل التغيير والاصلاح. اما بالنسبة الى وزيري الرئيس نبيه بري ووزيري جنبلاط ــــ وكلا الزعيمين قالا في وقت سابق انهما لا يمانعان في تعيين روكز ــــ فلن يسعهم قلب التصويت رأسا على عقب.

جنبلاط يبقي القديم على قدمه تفاديا للمفاضلة واحراجه داخل طائفته

على ان للمشكلة جانبا آخر لا يقل اهمية عن ترشيح روكز، وإن يفضي الى النتيجة نفسها، وهي ابقاء القديم على قدمه.

رغم ما يشيعه بعض المعنيين بهذا الاستحقاق بأن احتمال التعيين مفتوح على لائحة اسماء ضباط كبار مرشحين لقيادة الجيش، بيد ان الخيار الفعلي هو احد اثنين: تعيين روكز أو تأجيل تسريح قهوجي؟ اذ من غير المؤكد ان عدم نيل قائد فوج المغاوير غالبية الثلثين لتعيينه سيتيح اختيار ضابط كبير سواه في اللائحة. تاليا اضحت المشكلة تتمحور حول ضابطين كبيرين ادخلهما الصراع السياسي في لعبة الابتزاز والمقايضة والتشهير: إنهاء خدمة قهوجي والاصح وضع احالته على التقاعد موضع التنفيذ الفعلي أم تعيين روكز؟ خصوصا وان عون وحلفاءه يفترضون ان انهاء تأجيل القائد الحالي يأتي حتما بروكز لا بسواه خلفا له.

على نحو كهذا، لن يسع مجلس الوزراء بتّ تعيين قائد جديد للجيش، ما يفتح الباب واسعا على تأجيل تسريح سيحظى عندئذ بأوسع تأييد سياسي في حكومة سلام، وإن كان القرار في يد الوزير وحده.

ولأن المسؤولين الرسميين يتصورون سلفا ما قد تؤول اليه احدى جلستي 30 تموز و6 آب، تبدو المرحلة التالية لتجاوز هذا الاستحقاق اكثر وضوحا، وفق ملاحظتين على الاقل:

1 ــــ حدد حزب الله موقفه من الاشتباك الاخير بين حليفه الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة وتيار المستقبل استنادا الى لاءات ثلاث متلازمة: لا لتطيير الحكومة، لا للاستقالة منها، لا للاحتكام الى الشارع. أيّد الحزب بلا قيد مواقف عون واحجم عن الانضمام الى تحرك الشارع، ولم ينصح في ما مضى بالمقاطعة والاعتكاف. بيد انه لن يتخلى عن حليف هو احوج اليه اليوم كما في اي وقت مضى منذ عام 2006. مغزى ذلك تشبّث حزب الله بعون مرشحه الوحيد لرئاسة الجمهورية، ما يعني حتما ــــ على وقع استقبال الفريق الآخر هذا الاصرار بالرفض الحتمي ــــ ان لا انتخاب لرئيس الجمهورية في مدى قريب. وقد يكون الافرقاء جميعا ــــ لا حزب الله خصوصا ــــ معنيين بصرف الانتباه عن الاستحقاق الرئاسي ريثما تتضح ملامح التداعيات الاقليمية لتوقيع الغرب وايران اتفاق فيينا.

2 ــــ علّق وزراء تكتل التغيير والاصلاح البحث في جدول اعمال اي جلسة لمجلس الوزراء الى ان يُدرج بند التعيينات العسكرية والامنية على رأس البنود. في ضوء ما قد يسفر عن اي من جلستي 30 تموز و6 آب، وفي ما بعد عن تأجيل تسريح قهوجي، هل يظل عون متمسكا بشرطه هذا؟ وقد فقد مبرر طرحه مع طي صفحة استحقاق المؤسسة العسكرية سنتين اخريين، الا اذا وقعت اعجوبة انتخاب رئيس للجمهورية؟