IMLebanon

قناعة قهوجي تحقّقت… الجيش فرض الهيبة من دون إستعمال القوّة؟

عكست المرحلة الأمنية الماضية في لبنان جواً قاتماً لجهة نجاح الجماعات الإرهابية في إحداث خروق إن عبر التفجيرات في الضاحية الجنوبية لبيروت وإن عبر زرع خلايا نائمة في مناطق أخرى، وتوّجت تلك الجماعات أعمالها بزخم على طول خطّ الحدود.

الحالة القاتمة كما حالة محاولة ترسيخ الارهاب لم تدم طويلاً على رغم الخسائر البشرية والمادية التي خلّفتها. فمرة جديدة أثبت الجيش اللبناني قوة عقيدته وترجمها عبر إجراءات أمنية فوق المشددة ومتابعة استخبارية على الارض وسعي متواصل ودقيق أدى الى توقيف عناصر إرهابية وشبكات متنقلة وثابتة وإحباط أكثر من محاولة تفجير.

وترافق ذلك مع حضور منظم ومحكم على الحدود انتقل من خلاله الجيش من مرحلة الدفاع الى مرحلة العمليات الاستباقية أدت الى تراجع الارهابيين وعدم قدرتهم على إحراز أيّ تقدم وإلحاق أضرار ربما كانت ستكون بحجم كبير.

على رغم كلّ تلك النجاحات للمؤسسة العسكرية في لبنان، كانت قد أُشيعت أجواء سلبية عن انفلات الشارع نوعاً ما نتيجة التعبئة والاصطفافات التي فرضتها الأجواء السياسية والعسكرية عند أيّ استحقاق انتخابي.

غير أنّ قائد الجيش كان دائماً يبلّغ ويؤكد لزواره أنّ الجهوزية موجودة وأنّ هذه المؤسسة بعيدة من التجاذبات السياسية الدائرة وأنّ أيّ استحقاق سيكون محميّاً، وأنّ سلامة المواطنين كانت وستبقى أولويّة، وأنّ لديه كلّ الثقة بأنّ الجيش يستطيع أن يؤمّن الحدود والداخل من الإرهابيين وأن يحافظ على سلامة أيّ استحقاق من دون التقصير في أيّ جانب.

حصلت الانتخابات النيابية وترجم كلام العماد جان قهوجي عملياً، إذ أثبت الجيش دوره الوطني وأثبت أيضاً المواطن اللبناني بأنّ تلك المؤسسة هي الضامن الوحيد له عبر تعاطيه مع أفرادها بشكل مرن واللجوء اليهم عند أيّ مشكلة يمكن أن تحصل في أيّ استحقاق.

فالجيش اللبناني في الانتخابات البلدية كان متأهّباً، والهيبة تعني القوة وهي أساسها لكنّه نجح في إظهار ذلك من دون استخدامها فكانت الحلول عند وقوع أيّ إشكال في بعض المناطق سريعة وسهلة ومرضية للعائلات أو الأحزاب أو الأفراد.

وكانت عملية المتابعة متكاملة بين العناصر والضباط المنتشرين على الارض وعبر المتابعة المستمرة في غرفة عمليات قيادة الجيش والتي أشرف عليها قائد الجيش العماد جان قهوجي حيث كان حاضراً ومتابعاً كلّ نهار أحد وعلى مدى اربعة اسابيع وقبل افتتاح الصناديق الانتخابية لحين إغلاقها.

أو حتى أيام الآحاد الى منتصف الليل لا سيما في انتخابات البقاع والشمال نظراً إلى حساسية المنطقتين. فعرسال شكلت أيضاً تحدّياً أمنياً كبيراً للجيش الذي أشرف على أمن المواطنين وسير العملية الانتخابية خارج البلدة، وكذلك على أمن القرى الحدودية التي هي على تماس مع حركة الإرهابيين…

نجاح الجيش اللبناني في استحقاق الانتخابات البلدية زاد الثقة الدولية في المؤسسة الرسمية التي تكاد تكون الوحيدة الفاعلة والبعيدة من السجالات والمحسوبيات والاصطفافات، وهو ما يعطي زخماً كبيراً امام تلك الدول لتقديم المساعدات العسكرية لهذا الجيش الذي يتصدّى للإرهاب ويحمي الداخل والمجتمع اللبناني من ارتدادات الخلافات السياسية.

ويُثبت الجيش أنّ السياسة مفصولة عن مهماته وأنّ المؤسسة لا تُزجّ في صراعات تؤدي الى الازمات وتودي بلبنان الى ساحة الفوضى. كما أنّ المؤسسة لا تعمل وفق نغمة الشخصنة والتي أصبحت عرفاً لبنانياً.

فالمؤسسة هي الجيش اللبناني والهدف تطبيق العقيدة الوطنية من دون أيّ تفرقة والسلوك هو أنّ الجيش لجميع اللبنانيين، والشعار المواطن أولاً وأخيراً. فالوطن لا يتحمّل شعارات وتمنّيات، إنما يجب احتواؤه وتأمين أمنه وحماية أهله وفرض الهيبة من دون استعمال القوة… وهذا هو الحال في لبنان اليوم.