IMLebanon

قهوجي: «النصرة» و«داعش» توأم «القاعدة» ولا ممر آمناً او انسانياً للمسلحين

الجيش احسن حالاً من السياسيين وأهنأ بالاً. على الاقل يعرف عدوه عند الحدود الشرقية والجنوبية ويطلق عليه النار. اما السياسيون ــــ وهم يخوضون جولة جديدة غامضة بتوقعاتها من الاستحقاق الرئاسي ــــ فلا احد يعرف من اين تطلق عليه النار، من الحلفاء والخصوم في آن

يبدي قائد الجيش العماد جان قهوجي ارتياحه الى اطلاق العسكريين الذين اختطفتهم «جبهة النصرة»، من دون ان تكون ثمة اشارات واضحة تشير الى مصير العسكريين التسعة لدى تنظيم «داعش». بعض التقديرات تحدثت عن احتمال نقلهم الى الرقة في شرق سوريا. طوال الاشهر الستة عشر من خطفهم ورفاقهم لدى «جبهة النصرة»، لم يكن في الامكان تحديد مكان العسكريين التسعة، بينما تيقن الجيش من وجود العسكريين الستة عشر في وادي الخيل في جرود عرسال.

مع ذلك، فإن السعي الى قناة تواصل مع الخاطفين لم يتوقف، بغية العثور على أدلة تساعد على التفاوض على اطلاقهم. وهو ما اكد عليه مراراً المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، المفاوض اللبناني، باحثاً عن قناة محتملة. في المقابل، لم يكن ثمن اطلاق العسكريين التسعة باهظاً بالمقدار الذي صوّره البعض: ليست لسجى الدليمي أهمية سوى كونها زوجة سابقة لأبو بكر البغدادي. أهمية معنوية ليس الا بسبب صلة المرأة بالرجل. مع ذلك حمّلت الدولة عبئاً أكبر بدءاً برعاية أبنائها.

ارتياح قائد الجيش الى استعادة العسكريين ونزول ملف خطفهم عن اكتاف المؤسسة العسكرية يحيلها اكثر حرية في جبه الارهاب: «لا تعريف مزدوجاً لدينا للارهاب. الارهاب هو الارهاب. كل مَن يحمل سلاحاً في وجه الدولة والجيش والقوى الامنية هو ارهابي. لا تعريف سوى ذلك. في احاديث عدة مع بعض الغرب عندما راحوا يحاولون تبييض صورة جبهة النصرة ونزع صفة الارهاب عنها قلت لهم: جبهة النصرة وداعش توأم تنظيم القاعدة وإبناه. الفرق بين الاثنين ان احدهما يطالب بالخلافة الاسلامية والآخر بالخلافة العربية. بالنسبة إليّ هو ما قلته للغرب: جبهة النصرة تطلق النار على الرأس، وداعش يقطع الرأس. هما بذلك يتساويان في القتل والارهاب».

يبدد قهوجي الصورة التي شاعت عما حدث في الاول من كانون الاول، نهار تسلّم العسكريين المخطوفين، واوحت بأن مسلحي «جبهة النصرة» كانوا في قلب عرسال. يقول: «لم يكن المسلحون ابداً في عرسال البلدة، بل في الجرد على مسافة ما بين خمسة الى ثمانية كيلومترات. عرسال البلدة التي ارتفع عدد سكانها من 30 الفاً الى 130 الفاً بسب النزوح السوري، تحت سلطة الجيش. ننفذ فيها اعمال دهم، ونعتقل المشتبه بعلاقتهم بتنظيمات ارهابية، او بمسؤولياتهم عن اعمال وخلايا ارهابية. اوقفنا فيها المسؤول عن التفجير الذي استهدف هيئة العلماء المسلمين. اما الجرد فهو امام مراكزنا العسكرية. شوّهت الشاشات ما حصل من خلال الايحاء بأن تسلّم العسكريين كان في البلدة، والواقع انه كان في مكان بعيد في الجرد. بالتأكيد تشويه الحقيقة متعمّد، توخى اثارة البلبلة فغرق فيها كثيرون وبينهم سياسيون. المسلحون موجودون في الجرود المفتوحة على القلمون السورية، بما يسهّل عليهم الانسحاب الى الوراء كلما استهدفهم الجيش بناره، ثم يعودون، ثم يتراجعون مجدداً الى الوراء بعد اطلاق النار عليهم. هكذا دواليك كرّ وفرّ. في المقابل ثمة مخيمات للنازحين السوريين قبالة مراكز الجيش يقيم فيها نساء واطفال هم عائلات المسلحين المنتشرين وراءها. تفادياً لالحاق اضرار بهؤلاء نكتفي بدهم المخيمات وتفتيشها ومراقبتها للحؤول دون دخول المسلحين اليها».

لا تعريف مزدوجاً للارهاب. كل مَن يحمل سلاحاً في وجه الدولة والجيش ارهابي

يضيف قهوجي: «لا ممر آمناً او انسانياً للمسلحين. لا وجود لهذا البند في الاتفاق، ولم يحكِ احد معي فيه. لو فعلوا لعرفوا الجواب فوراً. لا احد يدخل الى عرسال من دون المرور بحواجز الجيش وتفتيشه والتدقيق فيه. كل مسلح يعبر يُعتقل، او يُطلق النار فيُرد عليه. عرسال البلدة لا تشكل خطراً. الجيش يمسك بها ويحوط بمداخلها. ندهمها كلما امتلكنا معلومات عن وجود ارهابيين او خلايا فيها، او شعرنا بخطر ما في داخلها. لا يسعني ان اضع عسكرا في مراكز صغيرة فيها قد لا يتمكنون من الدفاع عن انفسهم من عبء اعداد النازحين، كذلك لا يمكنني وضع عسكري كل 100 متر في الجرود للسبب نفسه. كلما اقتضى قيامنا بعمل عسكري نفعله للفور. العمل العسكري وارد في كل حين. وهو ما نفعله باستطلاع الطوافات ورمايات المدفعية».

يلاحظ قائد الجيش ان «أمن الداخل ممسوك، من دون ان يعني ذلك ان علينا ان لا نتوقع خروقات. في اي لحظة يمكن ان تحصل. الا ان الاجراءات المتشددة للجيش قلصت الكثير من حظوظها، ما يفيد بأننا لسنا في ذعر. باتت الاجهزة الامنية تملك داتا ضخمة تتصل بشبكات الارهابيين ويرتكز تحركها على الامن الاستباقي والارتقاب. جففنا مصادر تفخيخ السيارات التي كانت تسرق من بيروت مثلاً ويذهبون بها الى البقاع ومنه الى القلمون السورية لتفخيخها وادخالها مجددا الى اي مكان في لبنان. نجم عن ايصاد الطرق امام السيارات المفخخة، وخصوصا بعد الامساك بعرسال، أن لجأوا اخيرا الى الاحزمة الناسفة كما حصل في تفجيري برج البراجنة. المتطرف الذي قتل في طرابلس كان بدوره مشروع انتحاري. جففنا مصادر تمويل الاعمال الارهابية وحركة انتقال الاموال التي اصبحت تحت مراقبتنا من خلال تعاون المصارف. اوقفنا عشرات الاشخاص ممن يصح القول انهم يحملون اكياساً من المال كي نتيقن من اسباب حملهم اياها، ولئلا تكون في خدمة تمويل الارهاب. الشبكات الارهابية تحت السيطرة الكاملة تقريبا».

بيد انه يشكو من عدم الاستقرار السياسي والخلافات الناشبة بين الافرقاء في كل اتجاه، وشل المؤسسات الدستورية التي يحتاج الجيش الى اضطلاعها بدورها: «تعطيل عمل المؤسسات ومن ثم عجلة الادارة يلحق بنا الضرر. نحن في حاجة الى تطويع تلامذة الكلية الحربية وتطويع تلامذة مدرسة الرتباء، وهذا لا يتطلب مرسوماً بل قراراً من مجلس الوزراء مجتمعاً، كذلك ترقيات تموز الماضي لا تزال معلقة ونحن في صدد التحضير لترقيات كانون الثاني التي تحتاج الى مرسوم. الجيش في حاجة الى عملية دفع لئلا يشيخ، وهو ما تعنيه حاجتنا الى التجنيد. تسلمت جيشاً عديده 58 الفاً اصبح اليوم 72 الفاً، ناهيك بمهمات مضاعفة ناجمة عن تكليفه فرض الامن في الداخل كما حصل في الخطة الامنية لطرابلس، وما يجري في عرسال وفي رأس بعلبك ــــ القاع في مواجهة التنظيمات الارهابية. ثمة مساعدات اميركية تعوّض الى حد ما نتطلبه، لكنها لا تسلّح الجيش لأن مَن يسلّحه هو دولته. يقدم الاميركيون لنا سنوياً مساعدات بـ75 مليون دولار سيرفعونها السنة المقبلة الى 175 مليوناً من الاسلحة والذخائر والعتاد. هناك ايضاً المساعدات العسكرية البريطانية التي بلغت السنة الماضية ما بين 15 و20 مليوناً، الى المساعدات الفرنسية، اضف الهبة السعودية».

ما يرويه قهوجي ما سمعه من مسؤولين كبار في الغرب التقى بهم في اوقات متفاوتة وقولهم له: «انتبه الى الجيش». مغزى ما عنوه انهم «يعتبرون الجيش اللبناني افضل مَن قاتل الارهاب عبر الدولة، وليس من خلال احزاب وتنظيمات. كانوا يقولون دائماً ان اهتمامهم بالجيش في لبنان يتقدم اهتمامهم بالسياسة، ويرون الاستثمار في الامن اكثر جدوى منه في السياسة».