IMLebanon

معركة القلمون في صلب حرب الاستنزاف السورية

لاحظت أوساط ديبلوماسية، أن الحكومة اللبنانية لا ترغب في أن يحصل خلاف بينها وبين «حزب الله» على خلفية معركة القلمون، على اعتبار أن هذا الموضوع متصل في الأساس بدخول الحزب الى سوريا، وهي لم تأخذ موقفاً من المعركة. 

وفي هذه النقطة بالذات، هناك ربط نزاع بين «تيار المستقبل» والحزب، لذلك لم يكن هناك رد فعل ذو سقف عال من التيار حيال ذلك، على حد قول مصدر نيابي بارز. حتى أن الحوار لم يتأثر بهذه المسألة، نتيجة ربط النزع هذا، وأن تدخل الحزب في سوريا لا يندرج على جدول أعمال الحوار، الذي يركز على نقطتين أساسيتين هما: تخفيف الاحتقان، وإيجاد خارطة طريق لانتخاب رئيس للجمهورية، لذا لم تكن هناك معارضة عارمة في لبنان لتدخله، ويكفي أفراد الحزب الذين يقتلون هناك وتظاهرات التشييع. ومن غير الواضح ما الذي يجنيه الحزب من تدخله في سوريا غير زيادة عدد الشهداء.

والمهم في كل ذلك، أن لا يتم العمل أو القبول بظاهرة انتقال المسلحين الى لبنان، حيث أن الطريق مقفلة عليهم من ثلاث جهات باستثناء جرود عرسال، وهو طريق مفتوح أمامهم. وهناك خشية من زج لبنان في الحرب السورية، وجره الى نزاع هو في غنى عنه، وجر الارهاب الى الداخل اللبناني، عندها يكون هناك خطر جدي وكبير على استقرار لبنان وعلى أفراد الجيش وقوى الأمن المحتجزين لدى جبهة «النصرة»، وتنظيم «داعش». وطالما أن الحزب موجود في سوريا فهناك خطر واضح.

ولفتت المصادر الى أن حرب القلمون قد تكون خطوة نحو تحديد الدولة العلوية من خلال ازالة تواجد المعارضة على الحدود اللبنانية وصولاً الى العاصمة دمشق، وعندما يتم اخراج المسلحين من الجرود، تتأمن كل الحدود الملاصقة بين الدولة العلوية ولبنان وحدودها من الشام حتى اللاذقية. ما يعني أنه اذا انتصر الحزب فسيتم حسب المصادر، تحديد هذه الدولة مع الاشارة الى أن لا معارك حالياً في حمص، التي تعد مهجورة، ومهدمة، ولم يعد أهلها من السنّة إليها. والمعركة إذا ما حسمت ذلك لمصلحة النظام، فتكون قد خدمت تقسيم سوريا وساعدت عليه.

وتعتبر المصادر أن الحزب يتدخل مرة جديدة في سوريا بقرار إيراني وليس بقرار حزب داخلي.

وأفادت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، أن الحرب في سوريا هي حرب استنزاف كبيرة الى أن يستطيع طرف ما حسم الأمور، وتتطور الأوضاع على الأرض بشكل واضح. الحزب من خلال معركة القلمون يريد الوصول الى معركة دمشق وكسبها مع النظام، الذي استطاع الربح في مرحلة حرب القُصَير وما تلاها. وهو يعتبر أن من يربح دمشق يربح على الأرض. ولكن لا يزال الحسم صعباً في سوريا، مهما اشتدت المعارك.

ولفتت المصادر الى أن «حزب الله» يعتبر معركة القلمون استراتيجية بالنسبة إليه، فإذا خسر سوريا معنى ذلك خسارة له في لبنان، وإذا ربحها فتعني سيطرة متزايدة له على لبنان. لذلك لا تهمه الأصوات السياسية التي تعارض تدخله في سوريا وفي معركة القلمون. وخسارة سوريا بالنسبة إليه، خسارة لكل الباب الواسع الخلفي له من سلاح وامدادات متنوعة. إذاً هي قضية حياة أو موت، لذلك لن يقبل أن يتراجع مهما تصاعدت الضغوط الداخلية.

فضلاً عن ذلك، ان معركة القلمون مرتبطة بكل الصراع في المنطقة قبل توقيع الاتفاق الغربي مع إيران. فهناك رغبة إيرانية تنفذ عبر الحزب، في تعزيز الأوراق داخل سوريا، ما يؤثر إيجاباً على الحوار بين الغرب وإيران حول ملفات المنطقة في المرحلة التالية لتوقيع الاتفاق. وحتى بعد التوقيع ستستمر إيران بتعزيز أوراقها ومصالحها لأن الأمر يقويها في عملية التفاوض المقبل. وهي تدرك أيضاً في الوقت نفسه أن الغرب يقوم بالتعزيزات نفسها الى حين تصبح معه الظروف ملائمة لتسوية ما.

في هذا الوقت الضائع دولياً، الأضواء مسلطة على دور الموفد الدول للحل في سوريا ستيفان دي ميستورا، وما اذا كانت مشاوراته مع كل الأطراف السوريين والمهتمين والمؤثرين بالوضع السوري، ستسمح بإعادة تفعيل وثيقة «جنيف 1»، بعد كل التقدم الذي أحرزته المعارضة على الأرض. حتى أن المعارضة المسلحة تمت دعوتها الى المشاورات، إلا أن أطرافاً دولية لا تزال غير مقتنعة بما بقوم به دي ميستورا.