صحيح ان لا حرب في لبنان، لكن معاناة اللبنانيين السياسية تشبه الحرب الى حد كبير، لاسيما ان الجميع بدأ يتحدث عن حلول ميثاقية لاعادة ترتيب البيت الداخلي، خصوصا ان السلاح بيد حزب الله بات يشبه الى حد بعيد بداية الحرب الاهلية، من دون ان يفهم الحزب او يستوعب مخاطر سلاحه في الداخل وفي الخارج، خصوصا ان معارك القلمون تستدعي فهم ما لم يفهم بعد، حيث فتح حزب الله حربا على حسابه، من غير ان يستوعب مخاطرها الداخلية (…)
عندما قال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن حرب القلمون انها استباقية كان يرى من خلالها ابعادا ومخاطر سياسية وامنية وعسكرية، وهو عندما فتح النار كان لقصد مساعدة النظام السوري في منطقة حساسة لم يستوعب الحزب مخاطرها على الداخل، من غير حاجة للقول ان منطق الحرب يستدعي اقل نسبة من المفاجأة، فيما جاءت معركته مكشوفة ومعدة سلفا لمواجهتها، وهذا خطأ مزدوج ارتكبه الحزب عن سابق تصور وتصميم، قبل ان يستوعب مخاطر الحرب التي كلف نفسه عناء خوضها من غير ان يعرف حجم المساعدة المرجوة من قوى النظام في سوريا الغارق في مشكلة من الصعب خروجه منها؟!
وفي عودة الى الميثاقية فهي ليست جديدة، قياسا على ما هو حاصل في سوريا والعراق واليمن وليبيا، واي كلام مغاير لن يكون له معنى، حيث لكل فريق وجهة نظره التي تقربه او تبعده عن الحل النهائي من خلال الحل او من خلال الحوار لا فرق طالما بقي السلاح محكوما بالسياسة والعكس صحيح ايضا لان لكل فريق وجهة نظر مطاطة يصعب الاتكال عليها وحدها في مجال الاحتكام الى لغة السلاح!
واذا كان لا بد من شد حبال بعيدا من الصراع السياسي فان الذين يتطلعون الى تكبير احجامهم مثل حزب الله، فان دوره تخطى السياسة الى ضرورة الاتكال على القرار الذاتي، من غير حاجة الى داعش او النصرة، لان الامور محسوبة بقدرة الحزب على استخدام سلاحه، بما في ذلك تحديد دوره الى جانب الادوار السياسة الاخرى التي لم تعد ترضيه قياسا على ما بين يديه من طاقة مسلحة شبيهة الى حد بعيد بقدرة الدولة على تحديد ما هو المطلوب منها!
ثمة خطأ جوهري يعتمده الحزب في مجال احتكامه الى قدره حلفائه على الاتكال عليهم لان النتائج ستصل في نهاية المطاف الى حد مطالبة هؤلاء الحلفاء بثمن يوازي ما قدمه لهم، بدليل ما هو حاصل في الانتخابات الرئاسية التي لم يكن للحزب هكذا دور له فيها، الى حد منع اجرائها (…)
امام هكذا تصرفات غير محددة لا بد لحزب الله من ان يسأل عن ثمن ميثاقي لدوره السياسي وسواه، وكل ما يقال غير ذلك لن يكون له محل في الاعراب السياسي القائم اساسا على حرية الحزب في اللعبة السياسية القائمة على اساس اتفاق الطائف، فيما يرى بعضهم في الطائف حالا ميؤوسا منها، واي كلام مغاير سيكون من ضمن ما يرضي الحزب، الا في حال استمر الفراغ في رئاسة الجمهورية لزهاء سنة والحبل على الجرار؟
المهم ان ما سيطالب به حزب الله سيؤدي تلقائيا الى ما يفهم منه ومعه انه قادر على استمرار تحميل حلفائه مغبة عدم وجود رئيس للجمهورية والشيء بالشيء يذكر في حال كانت مطالبة بفك اسر الرئاسة الاولى قبل ان يتضح ثمن ذلك. وما هو اهم ان حزب الله قد وجد نفسه اكبر من كل حلفائه والافرقاء الاخرين على الساحة اللبنانية بدليل خوض معركة القلمون من غير ان يطلب اذنا من احد حيث لا حاجة لديه لان يطلب الاذن والمساعدة من اي كان، وهذا الشيء سيبقى مطروحا في المجال الامني – السياسي مهما اختلفت الاعتبارات عند خصومه واصدقائه!
اما بعد، فان الميثاقية ستطرح في مجال كان حل مرتقب حيث لن تكون الدولة قادرة على مواجهته، بدليل ما صدر ويصدر عند قديما وحديثا وبدليل آخر مفاده ان الحزب مستعد لان يقلب الطاولة السياسية ساعة يشاء بالاتكال على سلاحه الذي لا قدرة لاحد على مواجهته بعيدا من حرب اهلية يستحيل تجاوزها بما ليس بوسع احد القول انها ستكون لمصلحته!
واللافت في هذا الصدد، هو حاجة حلفاء حزب الله الى سلاحه من خلال تكرار فعلة تحدي الدولة وسواها، قياسا على ما سبق حصوله في مجال اثبات هؤلاء وجودهم، مع العلم انهم يعرفون مجال قدرتهم على الحركة سياسيا وشعبيا، حيث ثمة استحالة امام هؤلاء لان يقولوا انهم يتكلون على قواهم الذاتية؟!